“أبداً لا تُعْمِني، لا تكن لصاً أحمق (أنا كذلك؟!)، لا تجلب لنفسكَ الحزن.. أبداً لا تُعْمِني، أبداً لا تخدع عقلي (هل فعلت؟!)، أبداً لا تظن أنك تستطيع أن تكذب عليّ.. (هل كذبت؟!) “
مستهلّ الأغنية التي أفتتح بها الصباح.. سيمفونية من موسيقى الميتال لفرقة تُدعى (إيبيكا Epica).. غريب بالنسبة لي أن أبدأ اليوم بهذا النوع من الموسيقى، حين تختلط موسيقى السيمفونيات والأصوات الأوبرالية مع لمحات من أصوات وأوتار الميتال.. الحقّ أنه مزيج عبقري جداً، ربما يليق للمساء أكثر من الآن لكن مزاجي غريب اليوم فعلاً، وأجد في هذه متعة غريبة..!
نسكافيه وتدوين ومحادثة مع صديق كان قد اختفى من الفيسبوك يوماً ونصف ثم عاد، ومقطوعة أخرى لإيبيكا.. (مطاردة التنين).. لا تتحدّث الأغنية عن أي تنانين ولا أفهم سبب التسمية، لكني أستمتع بغضّ النظر..
الجمعة.. لا أحبّ يوم الجمعة.. سيبدو هذا غريباً وسيسمعني أحدهم رأياً في أن “الجمعة أفضل أيام الله” وفي أفضال يوم الجمعة كلها التي أعرفها كظهر يدي.. هو أفضل أيام الله لا أمانع ولا أجهل، لكن هو ليس أفضل أيامي أنا وليس المفضل عندي على الإطلاق، الأسباب عديدة وبعضها ترسبات ماضية لا أكثر، لا سبب فعلي يجعلني لا أحبّ الجمعة.. لكنني –ببساطة- لا أحبه..!
هدوء شامل لا يقطعه سوى صوت سيارة مارّة بين الحين والآخر وتنفيض بعض سجاجيد في العمائر المجاورة، وتفكيري فيما سأدرس اليوم.. يُفتَرضُ بي الذهاب لمنزل صديقي للدراسة طوال اليوم.. الحقيقة أنني بدأتُ أكتشف في نفسي أشياء غريبة لم أكن أعرفها طول سنوات طويلة من المذاكرة: أحفظ المواد بشكل أفضل حين أتلوها بصوت عالٍ، وأذاكر أفضل بمراحل حين أذاكر برفقة صديق..! أعتقد أن الحال قد يكون أفضل هذا العام.
يضايقني كثيراً البعض الذين ينظرونَ إليّ بإكبار وإعجاب مبالغ فيه مهما كان السبب، حتى لو كانت أختي الصغرى.. أحترم لهم شعورهم وأقدره كثيراً، لكن الإكبار المبالغ ذاك يشعرني باختلاف وبُعد عنهم لا داعي له، ولأسباب لا تستحقّ، كتابات أو سماعيات أو غيره.. لا أريد أن أبتعد عنهم أكثر مما أنا بعيد بالفعل.. أُقصي نفسي أحياناً بإرادة أو بدون إرادة وأريد تقصير المسافات، ولا أريد أن يُبعدوني لأي سبب.. حقاً..!
يبنيكَ الآخرون والأشياء.. حقيقة لا تحاول أن تُنْكرها.. كل كلمة مع أصدقائك، كلّ كتاب وكل تدوينة وكل كلمة كتبتها وكل مقطوعة موسيقية هادئة وكل محادثة إنترنتية وكل مكالمة هاتف، وكل مسرحية وفيلم وكل موقف لك مع أبيك أو أمك وحتى تأثرك بهذين الأخيرين في طريقة كلامهم أو تأثرك بغيرهم.. يبنيكَ الآخرون والأشياء.. لا عيب في هذا..
لكن، لا تدعهم يبنوك بإرادتهم طويلاً.. اختر أنتَ مِم تبني نفسك واختر كيف تكون صورتك النهائية.. ابتكر لك أسلوباً خاصاً في الحياة.. لن أقول أن الأمر صعب، لكنه طريق حياة تتخذه لتجد طريقة حياتك.. وصدقاً الأمر يستحقّ أي شئ تفعله. رائع أن تكون لكَ طريقتك الخاصة في القتال بالسيف وإن اختلفت عن غيرك.. سينظرون شذراً وسيهزون أكتافهم ويرحلون، وربما يبقى بعضهم ويعترف بك ويتدرب معك على القتال ويبتكر أسلوبه الخاص، وربما تسيرون معاً في الطريق..
صدقني، مؤلم أن تدع الآخرين يبنوك، مؤلم أن تتذكر أنك شظايا موزاييك تجمعت فيما يشبه لوحة عديمة الملامح، وأنك لا تملك حق تشكيلك..! انتزع ذلك الحق وقاتل وكن لوحتك، انتزع ما أردت من الشظايا أو أضف ما أردت، هي لوحتك وأنت من سيُسْأل..!
لا أحب حين أجد شخصاً عزيزاً قد اختفى فجأة من الفيس بوك ودون إنذار.. لا أحبّ ذلك حقاً..
ربما أنا العبيط الوحيد في العالم الذي يستمع إلى أغاني ميتال سيمفوني بصوت عالٍ في الشارع بينما يذهب لشراء فول وطعمية، ويستمع إليه محاولاً ترديد الكلمات اللاتينية أو الغاليّة خلال الأغنية، ويستمع إلى ميتال سيمفوني باستمتاع شديد من الأساس.. لكن، أحب ذلك :)
أخبرني صديقي العيص بالأمس أن “الوكيلية صارت أسلوب حياة”.. الحقيقة أنني رغم إنكاري المبدئي للعبارة لاستقلال بالذات، لكنها أرضت جزءاً ما بداخلي.. أسعدتني كثيراً.. نعم، لوحتي العجيبة تتشكّل.. وسيراها العالم! :)
إفطار وميتال سيمفوني وأصدقاء، ويوم جمعة آخر لا أحبّه لكن مضطر لأن أعيشه..
“If he is your moon, I will be your Earth, to which you can return, Safely or injured..!”
Epica – The Obsessive Devotion
محمد الوكيل
A.M.Revolution