رسائل ذاتيّة، إلى من قد يهمّه الأمر.

fb059176f05f4c8087a24a9a9541be01

(مصدر الصورة: janfher)

* أتابع اليوم الاستماع لألبوم Breaking Benjamin الجديد، بعد غيابهم عن الساحة لبضع سنوات. نفس الصوت البديع ونفس النغمة والرّتم، مع تيمة كئيبة قاتمة نوعاً كغيمة رماديّة. رغم ذلك ما أزال أجد فارقاً.. ليس هذا ما أعتدتُ سماعه، لستُ مستمتعاً لهذه الدرجة. هل المشكلة فيهم أم فيّ؟ من فينا تغيّر بعد هذا كلّه؟

* الحياةُ الإنسانيّة العاقلة، في جانب كبير منها، مجموعة من العادات. اكتشاف مريعُ لكنه حقيقيّ.

* لديّ يقين أعمى أن للقراءة قوّة خارقة، أنها تحرّك الأرض وتدفع الرياح وتخترق السّحاب، في هدوء المتيقّن. أقرأ، أقرأ بإصرار ودون كلل وبكثيرٍ من الاهتمام، أحاول أن لا أقرأ (كمالة عدد)، أن أفهم كلّ ما أقرأ مهما كان تافهاً. أملك يقيناً قاطعاً أن ما أقرأ سيغيّرني. أن العلم في عالَمِ يعتمد على علم الكبار وجهالة الصّغار، “قد” يجعلني أحد هؤلاء الأوّلين.

* اكتشفت أنه، حتى وقتٍ قريب، كان كلّ ما أفعله محاولات عبثيّة لإسقاط جدارٍ عملاق بدفعه بيدين عاريتين. كان هذا كلّه ضرباً من السذاجة أضعتُ وقتي فيه. كنتُ سأصير أسير نظريّة ذلك الذي مات وهو يحاول تغيير العالم ناسياً أن يبدأ بنفسه. لا شيء تغيّر ولا جدران سقطت، لن أسقطها بذراعين عاريتين.

لا، لن أشعل ثورة وحدي –بعد-، لن أغيّر محيطي وحدي، لن أحمل سلاحاً، لا ولن أهيّج الجماهير بجهالة.. للأسف لا أجد نفسي قد اصطفاني الله لشيء من ذلك أو غيره بعد. لكن أحاول الآن أن أعدّ نفسي لما قد أكون مُختاراً له فعلاً. أقرأ، أتعلّم، أشاهد، أفكّر وأتفكّر وأمتصّ كل شيء قابل للمعرفة كالاسفنجة، أميل للصمت –لا الاكتئاب- أكثر في مقابل كلام كثير يدور داخلي. أحاول ببساطة، وبصدقٍ ما أمكن، أن أكون شيئاً وأن أفيد، وأن لا أكون صوتاً زائلاً في الزّحام، بل أن أكون جِداريّة، نقشاً في الصّخر، صوتاً في الضمائر وفكرة دافعةً تولد وتتوالد إلى الأبد ولا تموت.

(شكر خاص: أحمد أبو خليل).

 

محمد..

حياةٌ في جَسَدِ الأيّام.. (رسالة)

9f19af6eec9ffc7afb613df4aeafe81f

محادثة ممتعة؟ أحتاج هذا من وقت لآخر، وإن أمكن فكل الوقت. تبدو كبهارات الحياة، ملحها حتى، وأكثر الطعام لا يحلو بغير هذين. كقطعة نادرة نقطع المحيطات لأجلها لأننا نعرف أنه لا يوجد مثلها، وأنها تستحق.. وقد أقطع المسافات وأفعل أي شيء على أمل نيل محادثة ممتعة، كهذه التي نتبادلها الآن يا لبنى :)

لم يعد في هذا العصر ما يثير الاهتمام.. كل شيء يبدو لذائقتي معدنياً، آلياً جافاً جدا بلا روح، احصل على هذه الشهادة لتنال تلك الوظيفة، ابحث عن راتب كذا في شركة كذا لتعيش حياة كذا وتموت مرتاحاً كأنما لا حق لك أن تعيش حياتك كما تشاء! وهذا كله يخيفني يا لبنى، أهرب من هذا كله لحياتي، لعالمي الصغير، الذي ما أزال أستكشفه وأضم إليه الناس والأشياء والتفاصيل، والمحادثات. أشتاق محادثات كهذه، بعث الحياة في جسد الأيام الميتة هذه. أهرب ببالي وجسدي لتلك الجزيرة حيث ينال عقلي ومعه روحي حياة حقيقية، قبل أن ألقيهما ثانية لعالم المعطيات والاحتمالات المقيتة، المخيفة.

فلنجد دائما الوقت والكلمات لمحادثة يا لبنى :)

 

محمد..

11 مايو 2015

إيديّا في جيوبي.. (تقرير)

1505619_10152651069228090_5966979351199457510_n

تقدمة:

(أركض خمسة آلافِ ميلٍ، تنقطع أنفاسي،

بمئة لترٍ من الأدرينالين، جسدي يعملُ بكاملِ طاقته..

هل مناسبٌ أن أتوقّف هنا؟ حتى أينَ؟

الأشجار التي تُلونُ المدينة تغيّر مظهرها مجدداً وثانيةً..)

– Last Alliance – Shissou

*****

– كيف هي الحياةُ الآن؟

(مملة). أول إجابة تردُ على بالي، ثم تتابع الأخريات: أقرأ كتابين معاً لا علاقة لأحدهما بالآخر بالمرة، أكتبُ رسائل لأصدقاء في محاولة لإبقاء قلمي حيّاً، أعالجُ الملل الخانق بالقهوة بالبندق من مقهاي المفضّل مع حلقات من أنيمى ما، أستمع لموسيقى جديدة بين الحينِ والآخر، أشاهدُ فيلماً جديداً لأول مرة من شهور لأجده فيلماً –على بداعته- ضاغطاً للأعصاب موتّراً. و-بين الحين والآخر- أحاول تعلّم أي شيء في سنة الامتياز السلحفائيّة السيزيفيّة هذه.

– كيف هي الحياةُ الآن؟

أجبتُ تارة.. لا لم تقصد هذا، صحيح؟ تقصد الجوانيات كما يقول المفكرون الإسلاميّون؟ فراغ، وسباحةُ في فضاءٍ من الحيرة والتيه. حيرة وتيه كما يجب أن يكونا. انقطعت الخيطان الواصلة بيني وبين أساسي الضعيف –الكلية- فصار عليّ إيجاد أساسات وربما خيطانٍ أخرى.

اليدان في الجيبين، أتأمّل الحياة في ملل شديد يميل ناحيةَ الاكتئاب والزهد في الحياة كلها، ربما كتقنيّة دفاعية، أحتسي القهوة كمحاولة لبعث بعض العصبيّة والحياة الزائفة في عروقي، أكتب لتدوين الملاحظات كما يدون ملاحظاته عالمٌ شاب يراقب (هومونكلوس) اكتشفه للتوّ، ملاحظات لا تنقطع ولا يقرأها أحد غالباً إلا المُرسل إليه، أو أنا وحدي. أتخيّل كثيراً جداً أبطالاً خارقين يقاتلون أشراراً ووحوشاً ومخاطر طبيعيّة، في قوّة وبراعةٍ ورشاقة.. نعم، الوطواط. أفتقدُ الصحبة البشريّة بجنون، ليس أيّ عابر سبيلٍ، أحتبسُ في دائرتي أكثر بشكل مريع يكاد يخنقني، أصارع بين الخروج والانحباس أكثر. أفتقد دفئاً لا أجده، فقط أتخيّله وأكتب عنه وألتمسه حيثما رأيته، وهذا –لعمر الله- موجع في ذاته. ممزّق بين أنغمس في الحبّ وبين أن أدافع عن نفسي منه كشرّ لا بدّ منه، هو شرّ في نهاية الأمر. لا أدري.

وصلتُ للانعزال العقلي عن مما حولي، وبالغتُ حتى النسيان والشرود الدائم، صرتُ أقربَ للدراويش مني لطالب طب/طبيب امتياز في بداية حياته –يفترضون-، لا ينقصني في هذه الحالة سوى كوفيّة وسيجارة بين أصابعي وفمي وجلسة أبدية على مقهى بلديّ ما.

– كيف ستكون؟

لا أرى يا صديق. لا أرى. لا أراني إلا في فضاءٍ سابحاً. الطرق كثيرة تتشتت، ولا أخشى سوى النهاية، ثم الطريق نفسه: أخافُ الملل، الضياع، أن أقول في النهاية: لم يكن هذا ما أردت، لقد أضعتُ حياتي.. والنتيجة؟ أضيعها في الحاضر بلا طائل طبعاً. أدع الإجابة على السؤال لكلّ غدٍ، بلا فائدة حقيقيّة.

(ارفع يمناك ويسراك، ومزّق الظلام، انطلق!)

كذا يدعوني Last Alliance للتفاؤل وتمزيق الظلام، والإجابة الوحيدة هنا: لا حماس، لا شغف، دعوني وشأني. سأتعافى عند الأبد.

يدان في جيبيْن، وموسيقى في الأذن، وحيرةٌ في القلب والعقل..

(انتهى التقرير..!)

محمّد..

عن الحكايات، في صباحٍ طازج.. (رسالة)

42d8449baf1c6fa3eb7ea1e5e29670cc

(Source: Rashomike – DeviantArt)

(من سلسلة طويلة من الرّسائل، قد تخرج للنور يوماً وقد لا تخرج أبداً..حسب قابليتنا للحكي..)

17 أبريل 2015

صباح الخير..

هذا الصباح، أنا حديثُ عهدٍ بالكثير. حديث عهدٍ بنفسي، فجأة شعرتُ كأنما ولدتُ من جديد، صفاء غريب لا مثيل له، هدوء، رغبة في لزوم الفراش وعدم إصدار حركةٍ تكسر هيبة هذه اللحظات الرائقة جداً.. لا أقول حديثُ عهدٍ بربي، لكن على الأقل أشعر بوجود الاحتمالات، بأنني قادر اليوم على أن أكونَ أقرب ولو خطوة. هو صباحٌ طازج جداً، وكذلك روحي.

بالأمس، كنتُ أتحدث مع أحدهم عن أعمالنا الأدبيّة وما شابه، فعرف أنني كنتُ أكتب قصصاً قصيرة فسألني لِمَ توقّفت؟ لم أجد جواباً مقنعاً أقدمه لنفسي قبله. ثم اكتشفتُ الجواب لاحقاً:

عالمي لم يَصِر غنيّاً بما يكفي. الحكايات بالخارج أكثر وأغنى بالتفاصيل والمضامين بكثير جداً مما أملك وأقدر على صنعه بالداخل. أصارحكِ أنني أعشق الحكي جداً، وأنني دائماً ما أجدُ حكاياتٍ مسليّة أحكيها لهم ولنفسي، لكنها دائماً اشتقاقات، حكايات غير مبتكرة، عناصر مستعارة. لا أجدُ في نفسي القدرة على كتابة القصص بعد. أتمنى أن أفعل، أتمنى أن أترك حين أموت آلاف القصص المسليّة، حتى يقرأوا ويستمتعوا بما يقرأون حتى الملل، ولأراقبهم أنا من العلياء وأهز رأسي مبتسماً في رضا.

ما رأيك؟ هل لو صرنا قططاً سنتمكّن من إيجاد حكاياتٍ مسلية أكثر؟ المشكلة أننا لن نتمكّن من الكتابة أو حتى سرد ما رأينا لأحد.. إذاً ما رأيكِ حين تتملّكنا شهوة الحكي أن نحتلّ أجساد بعض البشر ونكتب بأيديهم ما نريد؟ ألن يكون ذلك رائعاً؟ نعيش حياة وحريّة القطط ونكتب كما نشاء؟ :)

فلنجعل اليوم يوماً لطيفاً ولنحافظ على هذه الوتيرة ما أمكن :)

صباحكِ سكر :)

محمد..