“أهي خطيئة أن أتعلّم العيشَ بلا حبّ؟ أهي خطيئة أن أتحكّم في الحبّ بإرادتي وأتحكّم فيه من أعلى..؟”
تساؤل فلسفيّ عاطفي يروح ناحية دينية ما.. أغنية باور ميتال أخرى أستمع إليها بينما ينتصف الليل رائقاً، أثرثر على الفيس بوك كالمعتاد وأنتظر تحميل تورنت غامض منذ الأمس، وأتندّم على لحظات اليوم التي لم أتمكن فيها من متابعة مذاكرة الشرعي لإرهاق ألمّ بي..
هل تعرف ذلك المزاج الذي لا يمكّنك من الاستماع إلى أي موسيقى جديدة فتلجأ لقديمك، فتشعر بمسحة من الذنب أن لم تفتح عقلك للمزيد وأنك تعود للقديم بإصرار، لكنك لا تملك سوى الاستمتاع؟
تفهم أنك شيئاً فشيئاً تقترب من حقيقة الحياة.. لستَ تقولها غروراً ولا زهواً ولا كذباً، لكن حقاً أنت تفعل.. هي حقيقة أبسط ما يكون حتى أن فهمها صعب بالنسبة لكثيرين، ويعيش كثيرون ويموتون ولا يرون منها حتى لمحة، ولذا يظنون أن الحياة ظالمة، يظنون أنها غير عادلة ويظنون أنها تعطي البعض وتحرم البعض بكامل إرادتها الحرّة، لذا يعيشون دور الضحية فاهمين كانوا أو غير فاهمين..
“مدفوعاً بالطموح، مُنِحَت الإذن لدخول صالة الهتاف.. قد رفضتْ هي حبّك، الآن استمع بينما العالم كلّه يصرخ باسمك! (لسوف أنساها لكن لن أسامح.. قد نزل الستار، فلتنظروا إلى المِسَيّا!)”
صدى معركة يدور ببالي.. معركة كأن لها موسيقى خلفية من ستّ حركات، تتبدّل الحركات مع كلّ تغيّر في مسار المعركة ونفسيّة المتقاتلين.. أرى القتال في حد ذاته فنّاً عبقرياً لا يصلح أن تكون له خلفية من التراب والعواصف والجثث، بل قطعة مسرحية تلقائية حقيقية، معزوفة بارعة سريعة تتحرّك وتنتقل بخفّة من قطعة لأخرى دون أن تشعر ولا أن يشعر المتقاتلان، لكن رغم ذلك تشعرون جميعاً بذلك التغيّر الغامض، ويستعر لهيب المعركة ربما حتى يفنى أحد المتقاتلين أو حتى يفنى ميدان المعركة نفسه..!
“أنا هو أنا: الشيطان في برج الحراسة، ولسوف أكون ممجّداً إلى أبد الآبدين..!”
شيطان برج حراسة ذاتي.. أحمي تلك القلعة الحصينة بإصرار من الداخل قبل الخارج كأنما الخطر متربص، ولا خطر هنالك إنما حياة وعالم واتساع.. ولستُ أفهم سبب وجودي في هذا البرج في الواقع ولا سبب كوني معتزّاً بذلك.. ربما كان يجب أن أعوّذ نفسي فأحترق بناري وأدع جدران القلعة تتحطّم..!
أدّعي التلقائية طوال الوقت وحقيقة الأمر أنني لا أجدها سوى في غيري.. صورة ابتسامة بلا وجع على الفيس بوك، حالة شخصية لصديقة تكتب ما في قلبها وبالها بلا تحرّج وترسم دائماً الابتسامة على وجهي بلا فشل واحد، أو حتى في الصورة المتحرّكة لبطلة الأنيمى تلك (ميسوزو) التي تسير مع صديقها الوحيد في الحياة (يوكيتو) على سطح البحر، تسير بمهارة على حافة سور حجري رفيع باسطة ذراعيها على جانبيها ومسلّمة وجهها لنسيم البحر لاهية لا شئ ولا ألم ببالها.. كم أحبّ تلك الفتاة.. :)
وما أزال في رحلة البحث عن تلك التلقائية.. أن أكون نفسي فقط.. بلا أسوار وبلا شيطان في برج الحراسة..!
“الظلّ الذي ألقيه سوف يُظْلِمُ عالمها، ولسوفَ يطاردها شبحه في الليل! مع كلّ أغنية ستموتين قليلاً من أجلي، ولسوف لن يكون هناك ندوب لأنني قد أنزلتُ الستار!”
منذ أن نزعت أقنعتي –أو جزءاً منها- تحرر من داخلي شخص آخر مختلف متطرف المشاعر والتصرفات غير متطرف الفكر لشدة استغرابي.. لم أعد أعبأ بالكثير مما كنتُ اعبأ به سابقاً، وأشعر أن هذا يفقدني شيئاً ما أو بعض الأشخاص ببطء شديد وبشكل شبه غير ملحوظ.. وهذا يقلقني.. لكن لابد من ثمن ما ليُدْفَع من أجل أن أنغمر في نهر التغيير الأبديّ..!
يتردد صدى المعركة في ذهني من جديد، وأحلم بذلك المجد الذاتيّ الأبدي، وأتمنى أن أنزع عن نفسي إهاب شيطان برج الحراسة، وأحاول أن أنهي الليلة بسطوري الأخيرة تلك وأبتسم لعبارة ما كتبها (جلال) على الفيس بوك، وأبحث عن شخص ما أن يكون ظاهراً في الشات ولا أجده، فأتنهد وأضطر لإنهاء الليلة..!
“I am I: The Devil in the Belfry, I’ll be glorified forevermore..”
Avantasia – The Devil in the Belfry
محمد الوكيل
A.M.Revolution