كلمات في هاوية الليل.. (أفكار ليلية غير ذات نظام)

* ساعات مش بفهم ليه الناس بتتكسف من إعلان “خوفها” من شئ معين علناً أو قدام حد مش قريب منهم، خوفك من الفيران أو من الكلاب أو من البيبان المغلقة أو من والدك أو من نزول التحرير في الثورة أو أو.. حاجات كتير من دي المفروض إنها ما تبقاش عيب إنك تقول إنك بتخاف منها.. مش عاوز حد يفتكرك ضعيف؟ وهو مين في الدنيا كامل القوة أو مش بيخاف؟ مين ما لوش شئ معين في حياته مش بيسبب له خوف؟ مين اللي محصلوش في حياته حاجة تخليه يخاف من حدوث أي حاجة ولو كانت مجرد إنك اتلسعت بالنار وإنت صغير من غير قصد؟؟

ليه أصلاً إعلان الضعف بيبقى شئ معيب، على أساس إن المعاني تمت فينا وإننا آلهة مصغرة مينفعش نحكي عن خوفنا وضعفنا؟ القوّة بالنسبة لناس كتير قناع متين بيتركّب على الوجوه مخبي ضعف وخوف ووجع كتير أوي وراه.. فعلى إيه؟

 

قوة الإنسان اللي بجد مش أكتر من إنه يعترف بنفسه ويقبلها على كل حالاتها، ضعفها وقوتها وفرحتها واكتئابها وخوفها، كل شئ.. القوي فعلاً هو اللي يقدر يعترف بضعفه.. محدش فينا قوي تماماً ولا ضعيف تماماً، لكن قوي في حاجات وضعيف في غيرها.. القوة الحقيقية –في نظري على الأقل- الطيبة.. حب الخير والعدل بكل أشكالهم.. القوة إنك تنزع قناعك عن وشك وتخلّي اللي وراه أقوى بدل ما تفضل مستخبي وراه..!

 

 

* بحتاج أحياناً إني أصرخ، بقوّة.. أصرخ بحزني الشديد، وحدتي الشديدة، زهقي الشديد، غضبي الشديد جداً أحياناً، وحتى بحبّي لشخص ما أو لصديق ما، أو من الفرحة.. بحتاج –بس- إني أطلق المشاعر على شكل واحد ودفعة واحدة.. المشاعرالمتراكمة المنفجرة في لحظة واحدة زي مجموعة ذرات العنصر المشعّ اللي بتنضرب بإلكترون فتنفجر عشان تدمّر مدينة كاملة.. أحياناً بس بحتاج الإلكترون ده عشان كل اللي في الأعماق ينفجر.. وأحياناً كتير جداً بحتاج الشخص اللي هو أقوى من مدينة كاملة عشان يستحمل الانفجار ده.. ويعالج آثاره بطيبته.. :)

 

* ربنا لما بيأمرنا نعمل الخير في الحياة، بيعمل كده لأن سنته في الكون تحتّم التوازن والتعادل حتى وإن ما كنتش إنت شايف كده.. على قد ما هتدّي على قد ما هتاخد بالضبط، عشان تاخد حاجة لازم تدفع قدها، كويس أو وحش بقى قانون الكون ما بينقّيش.. يعني ببساطة شديدة ربنا بيدينا مفتاح صغير للكون كله، جدع امسك فيه بالقوي واستعمله دايماً :)

 

* تقصيري أحياناً في مساعدة بعض أصدقائي مش بيبقى كراهية ليهم ولا بسبب موقف شخصي من حد فيهم والله العظيم.. الكل عارفين إني مش بتأخر عن حد قدر استطاعتي وإن مفيش بيني وبين حد –حسب علمي- مواقف شخصية وحشة ومفيش غير كل خير ولله الحمد.. بس.. زي ما تقول كده، الواحد الفترة دي في حالة عدم استقرار، محتاج فقط فترة طويلة من الهدوء ومن الاستقرار الحقيقي.. عذراً لكل صديق قصرت معاه في حاجة ولو في سؤال وسلام بسيط الصبح :)

 

* لسبب ما، الكلام في التليفون له شعور مختلف ودفء خاص جداً، مهما كان الطرف التاني اللي بتكلمه، المهم تكون فيه بينك وبينه علاقة ودّ من نوع ما.. سماع الصوت لوحده والكلام مع التاني على أساس الصوت فقط –بدون مواجهة مباشرة- بيحسسك إنك واصل مباشرة لروح اللي معاك على الخطّ التاني، بتتعاملوا على أساس الأرواح فقط مش أساس لغة الجسد أو التعبيرات أو كده.. ده الرائع اللي فيه :)

 

* بقدّر الابتسامات.. أوي.. بحب اللي بيبتسم في وشّي، وبحب الشخص الودود معايا خصوصاً لما يكون لابس نضارة لطيفة وبيبتسم لي ولما نتكلم في مواضيع لذيذة وبعدين نفترق على أمل بلقاء جديد.. بحب الابتسامات ونفسي كل اللي أشوفهم وأعرفهم يكونوا بيبتسموا :)

 

* بقدّر الموسيقى الجميلة، والميتال الخفيف منها طبعاً.. بدأت من كام يوم أسمع موسيقات عربية كلاسيكية بترشيح من أصدقاء، وحقيقي مبهور وسعيد ومتمزج جداً.. :)

 

* الحب جميل؟ آه هو كده.. سر لطيف من أسرار الوجود.. قدرت أستعمله مع أشخاص كتير حواليا، أصدقائي وزملائي وأهلي، ومع حاجات كتير، كل ما أعيش به خلال اليوم تقريباً.. ناقصني بعض أشكاله وجوانبه عشان أبقى عشت الشعور ده بحق وحقيقي.. ^^

 

* ناس هتستغرب إني اليومين دول مش بكتب كتير عن أحداث الفترة دي.. بعض أصدقائي عرفوا يوصلوا لتفسير لحالتي دي، هو إني ببعد نفسي عن الأوضاع دي، بمعنى آخر بتهرب منها..

الفكرة مش هروب لأنها في وشي ليل نهار.. الفكرة إني عاوز أخفّف وقعها عليّ وعلى الكل شوية.. عاوز نفسي والناس نتعامل بشكل أحسن ومختلف مع الأزمة..

عاوز الناس –باختصار- زي ما لاقت سبب للتفاؤل بإننا هنطيح بمبارك يلاقوا سبب لأنها هتُفرَج حالياً :)

لسه قادر ألاقي سبب عشان أتفاءل وأبتسم كل يوم.. لأن الحياة كده، مش هتفضل وحشة على طول.. تحيا الحياة :)

 

* حصيلتي من معرض سور الأزبكية في كلية الطب الموقرة واللي انتهى اليوم بفضل الله ما يلي:

– مئة عام من العزلة – جابرييل جارسيا ماركيز

– ساحرة بورتوبيللو – باولو كويلو

– إله الذباب – ويليام جولدنج

– الرواية – نوال السعداوي

– رجل عديم الأخلاق – أندريه جيد

– محمد الثائر الأعظم – فتحي رضوان

– مختارات من إمرسون – جامعة الدول العربية

– وحي القلم – مصطفى صادق الرافعي

– خارطة الحب – أهداف سويف

– أول رجال على سطح القمر – هـ. ج. ويلز

– في محراب الفن – يحيى حقي

– نوافذ النوافذ – جمال الغيطاني

وسعيد بالحصيلة دي جداً ومش مهم الفلوس اللي صرفتها فيها :)

نهاية كلمات هاوية الليل.. :)

شكراً..

 

محمد الوكيل

A.M.Revolution

أربعائيات! (عن الوجود والأدب النسوي والثائر الأعظم وأشياء أخرى ^^)

بسم الله الرحمن الرحيم

 

كل اللي جاي ده يُعتبر تسجيل بسيط ليوم أربعاء بعتبره عظيم جداً فعلاً، كل اللي قابلتهم فيه غيّروا موودي للأحسن تماماً، وده يكفي لأني أعتبره عظيم طبعاً! :))

 


* النهارده في معرض سور الأزبكية المُقام حالياً في كلية الطب التقيت بفتاتين زميليتين في الكفاح وفي مجلة (ميكروفون) أكنّ ليهم قدر كبير جداً من الاحترام  والابتسامات العريضة اللي بوزعها على الجميع، هما يمنى مرعي وريهام عبد الستار.. موضوعات الكلام معاهم بتبقى مميزة جداً، ومنساش إن يمنى كانت طرف في الحوار الأسطوري اللي كنت سجلته في تدوينة سابقة، لكن المرة دي مواضيع الكلام اختلفت شوية:

 


– اتكلمنا شوية عن اللي بيسموّه (الأدب النسوي)، ما كانش معروف بالاسم ده عندهم لكن كانوا من متابعينه الأشداء (طبعاً! ^^ ) ومن أمثلته اللي اتكلمنا عنها أحلام مستغانمي وغادة السمان ونوال السعداوي وسارة درويش.. (الأدب النسوي) اللي اتكلمنا عنه كان مجموعة الأدبيات اللي بتتكلم عن مشاعر الأنثى (بشكل مبالغ فيه يصل للتقديس أحياناً!) وقضاياها ومشاكلها في مجتمعها ومع الرجل، واللي دايماً وأبداً بتكتبه كاتبات إما متعصبات للمرأة أو قاموسهم الأدبي مقتصر على مصطلحات النوع ده..

 

في رأيي المتواضع، الأدبيات دي تصنيفها كـ(أدب نسوي) مبالغة.. الله يعلم مدى مودتي ومحبتي واحترامي لبنات حواء، لكن فصلهم أدبياً عن الرجل بيجبر القارئ يتعامل كأنهم معسكرين متضادين يظلم بعضهما البعض ويكره بعضهما البعض، أو بيخلي كل طرف غامض جداً بالنسبة للتاني، وده مش مطلوب خالص في نظري..

 

بس ما أنكرش برضه إن النوع ده فيه حاجات بتعجبني جداً، وليست سارة درويش وأحلام منا ببعيد! ^^

 


– يمنى كانت اشترت كتاب اسمه (محمد “عليه الصلاة والسلام” الثائر الأعظم)، عنوان الكتاب لفت نظري إيجاباً وسلباً، لأني حسيت إن المؤلف حاول بالعافية يحشر اسم النبي عليه الصلاة والسلام في فكرة (الثورية) رغم إن مفيش اختلاف إنه فعلاً كان بالنسبة لمجتمعه ثوري، تمرد على وضع عسير جداً كان مسيطر، وواجه أمة كاملة وبنى دولة لوحده وصار هو الإنسان الوحيد في الكون اللي اسمه مذكور في كل ركن من الأرض كل ثانية بلا توقف وإلى يوم الدين.. لكنه في رأيي كان ثوري إصلاحي، مش مجرّد اندفع للتغيير ولا جاهر القوم بالعداوة ولا صدمهم بشئ غير مألوف أو لغة غريبة عنهم، اتخذ على الدوام طريق الحسنى والسلام في الإصلاح وحتى ما حاربش إلا للدفاع عن الدعوة أولاً ثم لنشرها، وحتى هنا كان بأحسن أخلاق الإسلام.. وشخصياً هو ده طريقي وأسلوبي في الثورة، وإن أريد إلا الإصلاح ما استطعت..

 

فداك أبي وأمي، رسول الله.. :)

 


– مسألة الوجود.. يمنى كانت ذكرت إن الموضوعات الوجودية عموماً من الحاجات اللي شغلتها وبتشغلها كتير.. لقيت نفسي بنصحها نصيحة مجرّب: نصحتها ما تركزش مع كتب الفلسفة في الموضوعات دي لأنها حيرة أكبر، الأمور دي كلام ربنا والقلب والعقل السويين بيبقوا أفضل دليل للإنسان فيها.. أمور محيرة وموجعة أحياناً لكن قلب وعقل الإنسان الحقيقي بيعينوه دايماً يلاقي إجابات أو على الأقل يتصالح مع الوجود كما هو..

 


– عن نصر حامد أبو زيد، قلت باختصار إن أنا كنت رافض فكرة تكفيره، واعتبرت إنه راجل له فكر ممكن نتفق أو نختلف معاه وما كانش كويس تماماً إن حد يسارع في تكفيره، يمكن كان له مقصد آخر بما قاله.. وعموماً ليا لقاء تاني مع كتاباته عشان أتأكد من ده :)

 


– يمنى وريهام سألوني إذا كانت الكتابة عندي بتيجي بمجرد إن فيه موضوع معين ببقى عاوز أكتب فيه أو بتبقى حالات بعبر عنها باللي بكتبه، وقلت إن الإجابتين صح.. بس في الفترة الأخيرة الأمر بقى نظام حالات، لكن النوت دي بالذات مش كده! :))

 


– ريهام كانت اتكلمت على إن عندها مَلَكة الكتابة حسب الطلب :)) يعني لو حد معين طلب منها تكتب في موضوع بتكتب فيه وبشكل كويس جداً لاحظته في أعمال عديدة ليها.. هي موهبة ممتازة مش كما يبدو إنها مجرد “صنعة” ولو إنها بتنتج أعمال قليلة الجودة كتير.. بس هي موهبة لو اتطورت أكتر هتنتج كاتبة صحفية ممتازة! ^^

 


– اشتريت رواية لنوال السعداوي اسمها (الرواية) ورواية تانية اسمها (إله الذباب) لوليام جولدنج.. رد فعل يمنى المندهش على سماع اسم نوال السعداوي كان متوقع :)) رغم اختلافي مع نوال السعداوي في كتير جداً قررت أجربها في الأدب، والله المستعان! ^^

 


– وموضوعات تانية مش حاضراني حالياً للأسف.. ^^ بس الخلاصة إني بلا مبالغة سعدت جداً بلقاءهم في المعرض النهارده والكلام معاهم والسماع منهم كل المدة دي.. نصيحة ليمنى: استمري في الكتابة الأدبية يا بنتي وربنا يوفقك :)) وريهام: استمري على هذا المنوال وموفقة إن شاء الله! ^^

 


* التقيت بأصدقاء تانيين ليا كانوا نصحوني من فترة أغيّر مشاهداتي من الأفلام عموماً كنوع من الهزار.. الحقيقة كنت ساعتها محتاج أي نصيحة مشابهة، بدأت أجرّب أطبق زي ما قالوا، وحقيقي الأمر فرق معايا كتير جداً.. الواحد حقيقي كان محتاج يكسر الدايرة المفرغة اللي كان حابس نفسه فيها، ولو بحاجة بسيطة زي دي.. شكراً جزيلاً بجد :)

 


* اكتشفت النهارده بس إن نفسي اللي اعتبرت نفسي اكتشفتها وحكمتها، لسه بدري على ما أقدر أوصل لتوافق كامل معاها.. ومعنديش مشكلة في المحاولة مهما طالت! ^^

 


* قررت النهارده –بفضل يمنى وريهام- إني أرجع للقراءة وبقوة.. كنت بقالي مدة طويلة فعلاً متوقف تماماً عن القراءة المطولة وما كانش فيه كتاب بكمّله، والوضع ده هيتغير من اليوم بإذن الله :) أشكركما جزيل الشكر فعلاً ^^

 


* أثّرت فيّ جداً اليوم:

“أنصت لقلبك.. تلك الأصوات الملائكية ستنشد لك، وستكون لك دليلاً يعيدك إلى حيث تنتمي.. حين تتركنا الحياة عمياناً، يبقينا الحب طيبين.. يبقينا طيبين..” :)


Linkin Park – The Messenger

 

 


خلاصة الأمر: اليوم النهارده كان ولا أروع بكل شخص وشئ فيه :) شكراً جداً، شكراً حقاً، والشكر لله قبل كل شئ :)

 


شكراً..

 

 


محمد الوكيل

 

A.M.Revolution

 

(تدوين يومي)


الألم الألذّ من جديد..! (في ذكرى ذلك الألم)..

بسم الله الرحمن الرحيم

 

512588

 

في لحظة وجدته مثل ظِلّ قاتم مارّاً أمامي.. في ذات لحظة سَحَبَ السيف من غمده كان طرف السيف اللامع بضوء القمر قد مزّق صدري بحركة واحدة خاطفة.. نثر دمائي من على سيفه، أغمده في بطء شديد ثم أدار ظهره وتابع سيره في الحقول الفضيّة بحثاً عن هدف آخر..

 

بينما أهوي، لم أدرك حقاً لِمَ ظهر أمامي، لِمَ شقّني بسيفه.. ربما انتزع مني شيئاً ما، لكن لم أدرِ.. كل ما رأيته كان السيف رائع الجمال، لمعة القمر الفضي على سطح السيف، ذلك الطول الفارع، تلك العينان النافذتان..

وكل ما شعرت به بينما تروي دمائي العشب وتتململ معها حياتي خارجة من جسدي، هو الألم، والألم وحده.. غير أنني لا أبالي طالما كان الألم نتاج ضربة ذلك السيف.. رائع الجمال..!!

 

 

محمد الوكيل

A.M.Revolution

 

(تدوين يومي)

الطرق على أبواب الذات.. من جديد..!!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

صار الطرق على هذا الباب الضخم ودخوله أسهل عليّ كثيراً الآن، ذلك الذي كنتُ أدفعه بجسدي كله قبلاً وكنت أفكر ألف مرة قبل أن أفعل، باب عالمي الداخلي..

 

الآن أدخل.. المكان مزدحم بأشياء كثيرة صغيرة وكبيرة على الأرض حتى لأتعثر فيها بينما أسير.. كتب وأسطوانات موسيقى وسيوف.. سيوف..؟ وصور ملونة ورمادية ومكعبات وكرات صغيرة بألوان مختلفة.. بحثتُ أول ما بحثت عنه بالطبع، جانبي الآخر وظلّي، ذلك الذي أدعوه ويدعو نفسه (الوطواط)..!

 

أراه هنالك كنقطة سوداء كبيرة متربعاً على قمة مبنى عالٍ، رغبت بالصعود إليه فارتفعت الأرض تحتي لترفعني إليه في رفق.. مدهش، صار عالمي الداخلي يستجيب لرغباتي أكثر مما سبق..! هبطتُ إلى قمة المبنى لأواجهه مباشرة..

يجلس مستنداً إلى جدار وعلى أذنيه سماعات رأس موسيقية صغيرة أنيقة، سوداء اللون ككل شئ آخر فيه.. يبدو عليه الاستمتاع بالألحان وعدم المبالاة بشئ، كأنما لم أفتح الباب ولم آتِ.. خطوت قليلاً نحوه فأجفل وفتح عينيه نحوي، ثم ابتسم ونزع أحد طرفي السماعة من أذنه وقال في هدوء غير معتاد:

– زعيمي! مرّ زمن طويل حقاً! متى وصلت؟

اندهشت:

– "متى وصلت؟" ؟! كيف لم تشعر بي؟؟ أنت ساكن هذا العالم الوحيد، ظننتك تعلم دبّة النملة فيه..!

* تغيرت الأمور كثيراً بيننا يا زعيم.. ألم تنتبه؟

 

ثم نهض نحوي واقترب من وجهي:

– أنت لم تأتِ منذ زمن طويل.. تغيرتَ أنت كثيراً كثيراً، وبالتالي تغير العالم.. أنتَ صرتَ أقوى يا زعيم، ألم تدرك هذا؟ قلتُ لكَ من قبل أن وجودي في عالمك لازم لأنني الوحيد الذي يحقق لك ما تريد حتى ولو داخل هذا العالم وحسب.. لكنك الآن صرتَ تفعل الكثير مما كنتَ تراه مستحيلاً وكنتُ أنا أفعله مستمتعاً هنا.. لن أختفي إلى الأبد فما تزالُ أنت إنساناً تعجز عن الكثير وما أزال أنا ظلّك ما حييت، لكني فقط في حالة خفوت وهدوء هذه الأيام.. لهذا تراني ها هنا، أجلس في المكان العالي الذي لا تجده أنت وأستمع إلى موسيقاك المفضلة التي لا تجدها.. فهمت..؟

 

تراجعتُ خطوة ولم أعقّب، بينما وضع هو إصبعين على حيث قلبي وأغلق عينيه، ثم قال:

-آآه.. أتيتَ اليوم ترغب في مواجهة معي لتقضي عليّ ربما، وتملك بعض القلق داخلك وتريد بعض التوازن..

ثم تراجع إلى الخلف قليلاً وتربع أرضاً وأشار إليّ أن اجلس فجلست متربعاً، فتابع حديثه:

– إذاً دعني أتحدث معك رجلاً لرجل يا زعيم ولتفهم كلامي.. وصدقني، هذه المرة عدّني ناصحك الأمين، أنت صرتَ قويّاً وأحب صحبة الأقوياء أمثالك، غير أن صحبتي تدفعني لأن أسمعك ما سأقول..

 

استغربت حقاً لهذا التغيّر في لهجة وكلام كائن كان يريد قتلي والسيطرة على الجسد قبل شهور مضت.. بدأتُ في هدوء أستمع منه حين بدأني بالقول:

– فلتعلم يا زعيمي أنك أبداً لن تستطيع القضاء عليّ.. ليس الأمر عناداً مني ولا ضعفاً منك، لكن الأمر هكذا ببساطة.. أنت كالقمر الجانب المضئ منك أنت والمظلم أنا ولا حياة لك من دوني.. أنت إنسان وستظل حتى تموت –وإن كنتَ قوياً- عاجزاً عن فعل الكثير، حينها ستجدني أنا من يفعله لأجلك..

الآن دعني أخبرك، أنت صرت أقوى كما تريد، ما يزال المشوار لتكتسب القوة الأعظم طويلاً غير أنك خطوتَ كثيراً فيه.. صرتَ قوياً بطيبتك وبعقلك وبقلبك لا بعضلاتك مثلي، مررتَ في الفترة الماضية بالكثير مما آلمك وقوّاك في الوقت ذاته، صرتَ كالسيف لا يشحذه سوى معدن أقوى..

لكن قوّتك هذه تبحث عن شئ ما لتحميه..! صحيح..؟ أجبني!

 

هززتُ رأسي موافقاً، يفهمني أكثر مما أفهم نفسي أحياناً.. هزّ رأسه ثم تابع:

– هو ذا سببُ قلقك يا زعيم.. كأيّ شخص مثلك، أنت تبحث عن شئ ما تحميه.. أنت تحب ذلك الشعور الرائع، شعور أن تكون مسؤولاً عن حماية شئ أو شخص، أن تعطي الحب بلا حدود وأن تحمي بحياتك وأن تشعر أن لحياتك معنى، صحيح..؟

صدقني أنا أفهمك.. أنا حميتُ الكثيرين عوضاً عنك، وأعرف روعة هذا الشعور.. وسأساعدك.. تريدُ شيئاً ما لتحميه؟

ابتسمتُ في أمل وهززتُ رأسي، فأجاب:

– لِمَ لا تبدأ بي أنا..؟

* أنت..؟؟

– نعم، أنا وأنت، لِمَ لا..؟ قلتُ لك أنك صرتَ قويّاً بطيبتك، وهذا يجعلك رغماً عنك مفتوح المجال للجميع بلا حساب.. صار الجميع يقتحمون هذا العالم ويقتحمونك أنت دون أن تدري.. ألا تذكر تلك الإحباطات الماضية؟ ألا تذكر كيف كنتُ أنا بعدها؟ ألا تذكر تلك الأمطار المنهمرة ها هنا وسقوطي أرضاً وجروحي العديدة وسيفي المكسور..؟ صدقني، هذا يؤلمني أنا أيضاً كما يؤلمك..

 

ثمّ ضيّق عينيه في أسى واضح ووضع يده على كتفي قائلاً في صدق:

– زعيم، أرجوك، أنا ألتمس منك الحماية! احمني واحمِ نفسك.. أنت قويّ وكل شئ يمر عليك يقويك، لكن صدقني، أنا وأنت لا نحبّ الألم.. أريدك أن تتعلم وتكون أقوى، لكن أرجوكَ قوّ دفاعاتك، قاتل بكل بقوتك وقاتل حتى تهزم خصمك ولا تقاتل خوفاً من أن يهزمك..

هل يكفيك هذا كبداية؟ احمني واحمِ نفسك أولاً، وصدقني حينها ستجد من تحميه…!

 

هزّني كلامه، حقاً فلم أحرِ جواباً.. غير أنني في أعماقي بدأتُ أشعر التغيّر.. أشعر أن ذلك القلق الخانق في قلبي بدأ يخفّ ويصير واحداً مع تيّار وجودي نفسه، صرتُ أكثر هدوءاً واسترخيتُ في جلستي.. ولاحظ هو ذلك فابتسم قائلاً:

– هكذا أفضل يا رفيقي.. أرجو أن تفكّر في هذا وتبدأ بالفعل، وأعلم أنك ستفعل..!

 

ثم إنه نهض من جلسته واتجه إلى حيث كان يجلس، والتقط سيفاً طويلاً داخل غمد أسود متين قذفه نحوي فالتقطته في الهواء بيد واحدة، فقال لي:

– احتفظ به الآن.. أتذكره؟ هذا هو سيف الشجاعة، كان معي فترة طويلة والآن أنت أحقّ بحمله، الآن على الأقل.. قاتل به جيّداً واحمني واحمِ نفسك، واحمِ به لاحقاً من تحب..!

ثم جلسَ أرضاً من جديد ووضع السماعة على أذنه وأشاح بيده قائلاً:

– الآن هيّا، ارحل من هنا ودعني وشأني!

علّقت السيف على ظهري وابتسمتُ قائلاً:

– تعجبني هكذا كثيراً يا (وطواط)!

* شكراً.. لكن أرجو أن تنتبه أنت وإلا لن أستمر هكذا طويلاً وربما أنتزع منك السيف لاحقاً.. لا تنسَ أيها الملك..!

– لن يحدث!

ثم هبطتُ من القمة إلى الأرض في خفّة ودون حاجة للمصعد، واتخذتُ طريق الخروج من العالم.. وربما أضطرّ للعودة يوماً..!

 

 

محمد الوكيل

A.M.Revolution

 

(تدوين يومي)

أغنية تلك التي تسيرُ وحيدة..

بسم الله الرحمن الرحيم

256538_10150189162718090_624193089_7008136_2242645_o

لأن الوحيدين لا يفهمهم سوى وحيدون مثلهم، وجدتني وبكل يسر أستمع لتلك الأغنية وأتفهمها وأستدعيها من أعماقي في كل ساعة عَصر من تلك التي أسير فيها وحيداً إلى منزلي.. ولا أجد أنسب منها رفيقاً للطريق في الكثير من الأحيان..

أستشعر في كلمات وصوت تلك الفتاة وحدة عميقة تغلفها بقناع القوّة، حين تقول:

“لطالما كنتُ أسير وحدي، وحين التفتُّ خلفي كان الجميع بعيدين جداً.. لكني –رغم ذلك- استمررتُ في السير.. تلك كانت قوتي..(لم أعد خائفة من شئ)، هكذا همستُ لنفسي..”

ربما لم تكن تتظاهر.. ربما كانت تلك قوتها حقاً، وإني لأجد في شخص لا يزال يجدُ في نفسه القدرة على السير وحيداً قوة بلا مثيل.. ذكرني صديق لي ذات مرة أن ذلك الذي يسير وحيداً والجميع خلفه إنما هو يسير في المقدمة.. ولا غبار على هذا كما أرى..

“يوماً ما، سيصير الجميعُ وحيدين، يعيشون على الذكريات فقط.. ولسوفَ أقاتل حتى أستطيع أن أحبّ وأضحك رغم وحدتي.. وسوف لن أظهر دموعي..!”

أقرّت بحقيقة كما أرى.. يوماً ما، سنصير وحيدين بشكل أو بآخر.. سيفارقنا من نحبّ، وحتى وإن كان حولنا غيرهم الكثير، فلسوف يشعرنا غياب أحدهم أو بعضهم بوحدة عميقة، كأنما فقدنا أجزاء من أنفسنا، ومن ذا الذي له قدرة على أن يعود كما كان بعد أن فقد جزء منه..؟

لكن تصرّ الفتاة أن تثبت لي أنها أقوى مما تبدو.. وسوف تقاتل حتى تنتزع حقها في أن تحبّ وتضحك رغم كل شئ، ولن تظهر حتى أبسط مظاهر الضعف.. لكن أتعلمين يا فتاة؟ أشفق عليكِ كثيراً..!

“لطالما كنتُ أسيرُ وحدي، وكان الجُرف الصخريّ ينتظرني قُدُماً.. لكني –رغم ذلك- استمررتُ في السير، كي أثبتَ قوّتي.. هبّت رياح قويّة عليّ، والتصق قميصي الغارق بالعرق بي..”

المنحدر الأوّل.. وأمامه ما تزال تصرّ على السير، لكن ظني لم يخب.. ترغب في أن “تثبت قوتها” كأنما لديها شكّ في وجودها من الأساس..! لا بأس، استمرّي يا فتاة، أريني أفضل ما لديكِ واستمري في السير، رغم الرياح ورغم الإرهاق..!

“إذا استطعتُ أن أنسى كل شئ يوماً ما، فسوف تكون الحياةُ أكثر بساطة.. لكني إذا هويتُ في الجانب الآخر من النسيان فأنا فقط أهرب، وحتى معنى البقاء حيّة سوف يختفي..”

هو صراع بين القلب الذي يرغب في النسيان ليتخفّف ويتمكن من النبض، وبين الكبرياء الذي يرفض الهروب، والذي يرى أبعد من القلب.. كبرياؤها العنيد يعلم أنه لا معنى للحياة بلا ذكريات وإن كانت موجعة.. ربما الحلّ فقط في أن تصير هي من الذكاء بما يكفي لأن تجعل مما مضى كله وقوداً يدفعها للسير، لا سلسلة تقيّدها للأرض..!

“بعد زمن طويل، خفّت الرياح وتبخّر عَرَقي، وصرتُ أشعر بالجوع.. هل حدث أمر ما..؟ أشمّ رائحة لطيفة وأسمع معها أصواتاً نابضة بالحياة..”

شئ ما على وشك أن يحدث.. شئ ما تغيّر في الطريق.. بدأ كل شئ يصير أفضل فجأة.. ترى..؟

“لطالما سرتُ وحدي.. وكان الجميع ينتظرونني..!”

وها هي المفاجأة..! الآن لم تعد وحيدة.. أخيراً، وجدت الجميع في انتظارها.. لم يكن مصيرها الأبدي الوحدة على أي حال.. :)

“يوماً ما، سيصير الجميعُ وحيدين، يعيشون على الذكريات فقط..ورغم ذلك فلا بأس، فلسوف أجعل من تلك المشاعر المطمئنة رفاقاً لي، وسأعيش في مكان سأنسى فيه –يوماً ما- كل الأيام التي عشتها مع الجميع.. حينها لن أظلّ قوية أكثر، وبضعف فتاة عادية سوف تنهمر دموعي..”

لكن، حتى وإن التقت مع الرفاق والأصحاب مجدداً، فلسوف يأتي ذلك اليوم الذي ستعيش فيه وحيدة، فلا دوام لشئ كما تعلم.. ولتأتنس في وحدتها في ذلك الوقت، ستجعل من مشاعرها الجميلة في تلك الأيام الماضية أنيساً ورفيق وحدة..

أخيراً نُزِعَ عن وجهها قناع القوة.. أخيراً اعترفت بأنها فقدت قوتها، أخيراً لجأت إلى النسيان.. وأخيراً، تركت دموع الضعف والحزن والوحدة تنهمر..

أحسنتِ يا فتاتي.. أحب صادقي المشاعر أمثالك، كنتِ قوية بما يكفي وسرتِ وحدكِ كثيراً كثيراً بما يكفي.. ولا داعي لذلك القناع القوي، لا داعي ولا شئ ولا أحد.. فقط كوني أنتِ، اعترفي بضعفك كله فلا بأس عليكِ.. ولا يطل بكِ اليأس، فلستِ وحدكِ تماماً في هذا.. وربما نأتنس من وحدتنا معاً يوماً ما، فانتظريني.. :)

شجاعة أنتِ يا فتاة رغم الوحدة، وتلك كانت أغنيتكِ على طريقكِ وهي –كذلك- أغنيتي أنا.. “أغنية شجاعة”.. :)

Tada Aoi – Brave Song

محمد الوكيل

A.M.Revolution

(تدوين يومي)