رسائل ذاتيّة، إلى من قد يهمّه الأمر.

fb059176f05f4c8087a24a9a9541be01

(مصدر الصورة: janfher)

* أتابع اليوم الاستماع لألبوم Breaking Benjamin الجديد، بعد غيابهم عن الساحة لبضع سنوات. نفس الصوت البديع ونفس النغمة والرّتم، مع تيمة كئيبة قاتمة نوعاً كغيمة رماديّة. رغم ذلك ما أزال أجد فارقاً.. ليس هذا ما أعتدتُ سماعه، لستُ مستمتعاً لهذه الدرجة. هل المشكلة فيهم أم فيّ؟ من فينا تغيّر بعد هذا كلّه؟

* الحياةُ الإنسانيّة العاقلة، في جانب كبير منها، مجموعة من العادات. اكتشاف مريعُ لكنه حقيقيّ.

* لديّ يقين أعمى أن للقراءة قوّة خارقة، أنها تحرّك الأرض وتدفع الرياح وتخترق السّحاب، في هدوء المتيقّن. أقرأ، أقرأ بإصرار ودون كلل وبكثيرٍ من الاهتمام، أحاول أن لا أقرأ (كمالة عدد)، أن أفهم كلّ ما أقرأ مهما كان تافهاً. أملك يقيناً قاطعاً أن ما أقرأ سيغيّرني. أن العلم في عالَمِ يعتمد على علم الكبار وجهالة الصّغار، “قد” يجعلني أحد هؤلاء الأوّلين.

* اكتشفت أنه، حتى وقتٍ قريب، كان كلّ ما أفعله محاولات عبثيّة لإسقاط جدارٍ عملاق بدفعه بيدين عاريتين. كان هذا كلّه ضرباً من السذاجة أضعتُ وقتي فيه. كنتُ سأصير أسير نظريّة ذلك الذي مات وهو يحاول تغيير العالم ناسياً أن يبدأ بنفسه. لا شيء تغيّر ولا جدران سقطت، لن أسقطها بذراعين عاريتين.

لا، لن أشعل ثورة وحدي –بعد-، لن أغيّر محيطي وحدي، لن أحمل سلاحاً، لا ولن أهيّج الجماهير بجهالة.. للأسف لا أجد نفسي قد اصطفاني الله لشيء من ذلك أو غيره بعد. لكن أحاول الآن أن أعدّ نفسي لما قد أكون مُختاراً له فعلاً. أقرأ، أتعلّم، أشاهد، أفكّر وأتفكّر وأمتصّ كل شيء قابل للمعرفة كالاسفنجة، أميل للصمت –لا الاكتئاب- أكثر في مقابل كلام كثير يدور داخلي. أحاول ببساطة، وبصدقٍ ما أمكن، أن أكون شيئاً وأن أفيد، وأن لا أكون صوتاً زائلاً في الزّحام، بل أن أكون جِداريّة، نقشاً في الصّخر، صوتاً في الضمائر وفكرة دافعةً تولد وتتوالد إلى الأبد ولا تموت.

(شكر خاص: أحمد أبو خليل).

 

محمد..

قراءةٌ في (نظريّة اللّعبة): عن النظريّة.. والقلم.. والثورة!

قطعاً سيبدو لك (نظرية اللّعبة) مبدئياً كتاباً فكريّاً، سياسياً أو اقتصادياً، وأبعد احتمال سيتبادر لذهنك -ربما كما حدث معي- أنه مجموعة قصصية، وأنه (كثيرٌ من الأشياء التي لم أتوقّعها بالمرّة). هو مجموعةٌ قصصيّة للقاصّ الفلسطينيّ (خالد عودة الله)، وهو كما ستحد في بحثك على الشّبكة في الأساس باحث في العلوم الاجتماعيّة! وأن كتابه 64 صفحة فقط، حتى أنني أعدتُ التأكّد من عدد الصفحات ظناً أن هناك مشكلة في نسختي! وأن هذه المجموعة هي أوّل أعماله الأدبية المنشورة! وكلّ هذا كان عنصر مفاجأة مهمّ، فهي -على كلّ ما سَبَق- مجموعة ذات جودةٍ عاليةٍ بالفعل، أدبيّاً، أسلوبيّاً وموضوعيّاً وتستحقّ أن نفرد لها حيّزاً كبيراً من الاهتمام..

19540209

الطبعة التي بين يديّ هي طبعة متميّزة للكتاب في العام 2014 من (دار مدارات للأبحاث والنّشر) المصريّة وصلتني منهم بالبريد بناءً على طلبي، ذات غلاف بسيط لكن أنيق وجذّاب وبخامات عالية الجودة يشدّك للقراءة وهو ما حدث معي بالضبط، تقع في 64 صفحة متوسطة الحجم. دار النّشر بالمناسبة تعنى أساساً بنشر الموادّ البحثيّة والدراسات في مجالات عديدة، ورغم حداثتها فمطبوعاتها دائماً ذات جودةٍ عاليةٍ شكلاً وموضوعاً وبشهادة كثيرٍ ممن أعرف من قرائها، وكونها هي من ينشر هذه المجموعة القصصيّة، ولباحث فلسطينيّ، يعطيك فكرةً صلبة عمّا يجبُ أن تتوقّع في ومن هذه المجموعة، قصصاً وأساليب وأفكار.. أبحث بعضها معكم هنا بقليل من التفصيل (تحذير من حرق بعض القصص هنا لمن لم يقرأ.)

*****

كمقدّمة: – (والّذين جاهدوا فينا لنهدينّهم سُبُلنا وإنّ اللهَ لمع المحسنين) (العنكبوت آية 69)

– (لَكَأنّني الأضداد في رَجُلٍ تُقاتِلهُ وحوشُ يديه..)  –شوقي بزيع

آية قرآنية كريمة تؤكّد لك صحّة الظنّ الأوليّ، ثم عبارة عامضةٌ كمدخلٍ للقصص، والتي تبدأ بـ..:

(عندما بدأ الشّيخُ زكريّا يضلّ طريقه إلى المسجد): قصة عديدة العناصر، فهي تبدأك بحادثةٍ غامضة تشعرك أنّك في مدخل قصّة بوليسيّة كلاسيكية تعتمد على الغموض والإثارة حتّى لحظة التنوير، ثم تسحبك القصة في هدوء إلى مغزاها الحقيقيّ: رمزيّة واضحة صارخة ممزوجة بلمسة محببّة من الفانتازيا، تتضح مع آخر سطور. الأسلوب هنا يبدو أكاديميّاً بحتاً إن صحّ لي التعبير، والقصّة بشكلٍ ما ذات نهايةٍ تقليديّة ولكنها مناسبة كبدايةٍ لما بعدها.

(خمسة سنتيمرات مربّعة من التيتانيوم): تناول للقضيّة الفلسطينيّة بعيون إسرائيليّة بحتة. وجهٌ جديد لم يره أغلبنا وبالتأكيد رآه المؤلّف بطريقةٍ أو بأخرى، وربما رأى من حقّ القارئ رؤيته، بذات عين الباحث.

(نظريّة اللعبة): أستطيع بسهولة أن أعدّها واسطة العقد، والأفضل في المجموعة، وأكثر قصصها تقديماً لمزيج (القصة/النظريّة) الذي يبدو أن المؤلف يبرع فيه، حيث تجد أساليب بلاغيّة وتشبيهات رائعة لكاتب عميق الثقافة والقراءات مثل (واظبتُ على اختراع (ما بينيّات) تقيني زمهريرَ الهباء). الصفحات الأولى من القصّة الطويلة نسبيّاً تصوّر للقارئ ببراعة واضحة ودقّة متناهية: صراع الإنسان المعاصر المفكّر ذي العقل الناقد في سبيل الخلاص من قيود مكانه وزمانه الخانقين وصراعات الحياةِ اليوميّة ومن كونه ترساً في الماكينة العملاقة، فيبدو عنصر الصراع في كرّه وفرّه مرات متتالية (كما في إلقاءه اللّومَ على نفسه حين لا يمكنه إلقاؤه على العالَم في إعلان ضمنّي بالهزيمة في جولة الصّراع).. تتقدّم القصّة فتشعر أن القصّة مكتوبة على أساس عنوانها، لا العكس! فكلّ أحداثها المنطلقة في الفانتازيا هي تجسيد لرؤية المؤلف لـ(نظرية اللعبة) أو شكل الصراع بين الإنسانِ والنظام وثورة الأول على الأخير. هي قصّة متميّزة بالفعل وتحتاج أكثر من قراءة لها، وبحثٍ شامل في بعض عناصرها كذلك.

سوبر جلو Super Glue : يعرف ويفهم المثقّفون جيّداً ثنائية (النظريّة والممارسة) والعلاقة الصّعبة بينهما، والمؤلف كمثقّف يحترم نفسه يقدّم رؤيته القصصيّة لتلك الثنائيّة ويسقطها على شخصيّة مثقف ثوريّ تقليديّ جداً قرر نقل نظريّاته إلى الواقع.. بطريقته الخاصة!

رائحة الدّيتول: صورة مطوّلة بالقلم لعبارةٍ واحدة: إما أن تكونَ خصماً لخصمك، وإما أن تكون خادماً له. تجسيم هذه الثنائيّة ها هنا صادمٍ قليلاً، لكنه ضروري جداً لإيضاح حتميّة هذا الصّدام وخطورة أن تبدأه رماديّاً، لتجد نفسك صرتَ بائع مبادئ وكلمات، ودين ربّما.. مجرّد خادمٍ آخر.. وأيّ خادم!

الشهداء لن يعودوا هذا الأسبوع: خيرٌ ختام للكتاب، موجعة وحزينة بِخُفُوت.. كأنما هي إهداء صامتٌ صادق للشهداء، الشهداء الذين لن يعودوا لأنّهم لا يُطيقونَ حياةَ العاطلينَ عن العَمَل.

 

رأيتُ في هذا الكتاب القيّم صغير الحجم، الكثير مما يُقال ويُقرا ويُبْحَثُ فيه بالفعل. الكاتب بوضوح: باحث، ثمّ قاصّ واسع القراءة. الكاتب مخلصٌ جداً لقضيّته قضيّة فلسطين، يقدّم لك مناحي عدّة للقضيّة، يترك لك أطرافَ خيوط، يعطيك إشارات تنبيه هنا وهناك، يقدّم لك (في سابقة نادرة) فائدة حقيقيّة لما يكتب من عملٍ أدبي يفترض به الإمتاع فقط عادةً، يجبرك على البحث وربما الإنتاج، يوقد ذهنك معه بكلّ موضوع مقدّم وكلّ عبارة ونظريّة مشروحة، ويشرح لك (نظريّة الثورة) في هدوء، ويبهرك بقوّة الكلمات كشكلٍ أدبيّ، وكنظريّات قد تكون مُغَيِّرة جداً إن وصلت لأرض الواقع وعُمِلَت في مكانها الصّحيح، وبذكاء.

(نظريّة اللعبة) هي حتّى الآن أفضل تجسيد حيّ رأيته لمزيج (القصّة/النظريّة/الفائدة) . بحثتُ عن أعمالٍ أخرى جيّدة للكاتب ولم أجد بعد، وأنا في الانتظار بشوق شديد :)

 

محمد الوكيل

عن صُنع الجُزُر وبناء الأسوار: موعد يقظة الفِطرة؟

مبدئياً، دعونا لا ننسى ونُسلِّم بأن مجتمعاتنا لا تخلو أبداً من الكثير من العَوَار والمرض النفسيّ ربما، بأشكال مختلفة. لا يخفى ذلك على متابع أبداً، ليس من الطبيعيّ ولا الإنسانيّ كثيرٌ من الممارسات والأفعال التي نؤديها، بل وليس من الطبيعيّ أبداً مجرّد صمتنا على كثير.

ودعونا نتفق كذلك أن الناس –أبداً- لم ولن يكونوا كلّهم سواء. يبقى في تلك المجتمعات أناس ما يزالون أناساً أصلاً. يرفضون الخطأ دائماً وأينما وجد وكيفما ظهر، لا يعجبهم الحال المائل مهما حاولوا الميل معه.. والمشكلة هنا أن كلّ شيء مائل، وأنه لا يكاد يستقيم أو يصحّ شيء في مجتمعاتهم أصلاً. لذا بطبيعة الحال ينقسم هذا الفريق لقسمين: من يخضع (ليس يميل) للعاصفة تماماً ويحيل مبادئه وطبيعته الرافضة إلى النوم، وفريق لا يفعل فيستمرّ في الرفض طوال الوقت وبشكل شبه آليّ.

تكرار الرفض واستمرار الحال المائل وتكراره بلا نهاية واضحة، ضغط نفسيّ ذهنيّ قاتل لهؤلاء، ينظرون فلا يجدون كثيرين يشاركونهم حالتهم العقليّة وموقفهم من أسلوب الحياة المائل ذاك. يميلون تلقائياً لبناء الجدران والأسوار ثمّ الأبراج، ثم الانعزال ببطء إلى الداخل، مع كلّ شيء –وأحد- يوافق أمزجتهم ويريح بالهم، يكتفون بالرّفض من حين لآخر فقط كلّما أطلّوا من النوافذ، ويكتفون ببناء أنفسهم وتربيتها، على آمال مختلفة بسيناريوهات مختلفة للتغيير. هو حلّ وملجأ أخير لهؤلاء. أحدّثك عن خبرة شخصية ومشاهدات كثيرة.

بغض النظر عن أحلام العزلة وآمالها، فلنتساءل: هل هذا الوضع ذاته يستقيم أصلاً؟ هل يصحّ أن يشاهد هؤلاء (لنسمّهم البقيّة الناجية) العالم ينهار من حولهم، القيم تنهار والآخرون يفقدون إنسانيتهم والمجتمع تذوب أنسجته؛ لأنهم فقدوا إرادة القتال وكلّ طاقة، ولأن لا شيء ولا أحد يخدمهم؟ لأنهم يخافون من إفناء الأعمار فيما قد لا يجنون منه أيّ مكسب دنيويّ حاضر؟

أرسل اللهُ الأنبياء لسبب واحد وفكرة مبدئية بسيطة تحمل في طيّاتها الكثير من المسؤولية: لا إله إلا الله. كانوا أرقى من في مجتمعاتهم إنسانياً وفكريّاً والأهمّ إيماناً بالله ورقيّ وإخلاص عقيدة. وأخبرنا نبيّه محمد (صلى الله عليه وسلم) أنه يأتي النبيّ من هؤلاء معه الواحد والاثنان أو لا أحد معه إلا نفسه، ومنهم من يأتي بثمانين شخصاً ومنهم من يأتي بأمّة. هؤلاء لم يفشلوا، لأنهم بقوا على الطريق ثابتين حتّى الممات. وربما من أسباب بعثهم أصلاً أن يقتدي بهم الناس، أن يخرج في كلّ مجتمع أرقى وأنظف من فيه ليأخذوا الباقين إلى طريق الله ما استطاعوا. (ولتكن منكم أمّة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر). لم تكن مجرّد ضرورة مجتمعية وإنما أمراً صريحاً من الله، وشيئاً في منتهى الوجوب والضرورة. لم يُطالب هؤلاء بنتيجة فورية أو غير فوريّة، ولا حتى هم سيحاسبون على النتائج، بل على الفعل والمحاولة والاستمرار. (كلّ هذا قد تعرفه أنت وقرأته وسمعت عنه آلاف المرات.. ما الجديد؟)

 

القضيّة هنا: كيف سنهدم الأسوار التي انعزلنا خلفها مُجبرين؟ وكيف سنقترب؟ ما الطريق والطريقة؟ وإن تعبنا فهل نستريح؟

ببساطة: فلنعمل على فطرتنا. لنهيّأها، نوقظها ونطهّرها ونقوّيها ونثق بها، بهذا الترتيب. ثم نعيش عليها وبها. ندعها تحرّك أرواحنا وأجسادنا تلقائياً. ستعرف فِطَرُنا تماماً ما هو المطلوب منا لنفعله، ومتى نفعله. ساعدوا فِطَركم على إيجاد الخطأ ومعرفته والقضاء عليه ما أمكن، ستفعل ذلك بدون مجهود كبير منكم، وربما لاحقاً ستجدون راحتكم في ذلك، ولو تطلّب الأمر راحة جسدية وذهنية فستعرف فطرتكم متى وكيف تفعل ذلك.

أبداً لسنا مطالبين بفعل كلّ شيء ولا التخصّص في كلّ شيء. نحن فقط مطالبون أن نكونَ درجات في السلّم العالي، ودرجات متينة تتحمّل وتحمل القادمين إلى القمّة. دعونا نفهم هذه الحقيقة ونتقبّلها ولا نحاول تجاوزها، لأننا لا نعرف ماذا بقي في أعمارنا ولا متسّع فيها بأيّ حال لتضييعها في معارك وجودية تحاول كسر السنّة الكونيّة الأزليّة، قوانين اللعبة وُضِعَت منذ الأزل وما علينا إلا العمل بمقتضاها.

 

قد تبدو هذه الفكرة بائسة ومقزِّمة لنا كبشر. نطمح أن نشعر أننا آلهة، نطمح أن نكسر كلّ القواعد ونعيد تشكيلها، ونكره بشدّة في داخلنا أن نتقيّد بقوانين عملاقة، وفكرة أننا سنموت ونترك هذا كلّه لمن بعدنا، وفكرة أن أعمارنا قصيرة ولا نعرف متى ستنتهي، وفكرة أننا مجرّد درجات في السلّم وعمالقة نرفع الصغار على أكتافنا.. لكن هكذا خُلِقْنا، ولن نُحاسب على مالا نستطيع فعله. سنحاسب فقط على ما نستطيع، وعلى ما فعلنا.

أيقظوا فِطرتكم، ثمّ ضعوها فقط على وضع القيادة الآلية.

 

محمد..

A.M.Revolution

ومن "خالانتينو" عِبرة!

1_bmp10
 
عاوز أحكي لكم على حاجة:
حد فاكر “خالانتينو”؟ ده كان شخصية من شخصيات سلسلة ” فلاش” لمؤلفها الأستاذ خالد الصفتي فنان الكاريكاتير. بيرمز للشباب العادي من جيل منتصف التمانينات – وقت ظهوره- وبيعبر عن جيلنا إحنا كمان. متحكرت وصايع وأبوه معكنن عليه ورغم كده بيحاول يكون حاجة ويشق طريقه ويكون له لزمة.
 
المهم، خالد الصفتي كان كتب على لسان خالانتينو قصة مختصرها: خالانتينو شاف إن الحيّ اللي ساكن فيه قذر ومليان زبالة وذباب متراكمين بلا حصر، فقرر متطوعاً مشكوراً تجميع شباب الحي وتأجير عربية نقل كبيرة وأدوات نظافة لتنظيف الحي كلياً ونقل الزبالة لمقلب بعيد عن المنطقة. وبالفعل قضى يوم من أوله في الأمر، والحيّ بقى نظيف جميل متطور. 
خالانتينو ورفاقه انتظر عودة سكان المنطقة من أشغالهم وبهجتهم بالمنظر الجميل النظيف للمنطقة – اللي ما اتعودوش عليه-. قوم إيه بقى؟ صُدِم بغضب عارم من سكان المنطقة واعتراض شديد بل ورغبة منهم في عقابه!!
 
ليه؟! ببساطة لأن السكان لم يعتادوا على حيهم نظيفاً أصلاً. كانوا مبسوطين وراضيين بمنظره ومعتادين عليه تماماً لدرجة إنهم تاهوا عن بيوتهم فعلياً بعد ما الحي “شكله اتغير”!! كانوا معتادين على شكل أكوام الزبالة في كل ركن والذباب والحشرات والريحة والقذارة، لدرجة إنهم فعلياً غضبوا من” التغيير “اللي حصل! واللي هو بلا شك في مصلحتهم وخالانتينو ورفاقه تعبوا فيه جداً ومتطوعين تماماً!! 
لحد ما واحد راجل “عجوز”  – طبعاً – اقترح على الشباب إرضاء للسكان إرجاع الزبالة زي ما شالوها، كاملة غير منقوصة، وإرجاعها لمكانها بالضبط! وقد كان وخالانتينو قام بذلك! ولك طبعاً تخيل شعوره ودهشته الشديدة من رد الفعل غير المتوقع وما انتهى إليه الأمر.
 
الحقيقة إني مش عارف إن كان الأستاذ خالد الصفتي مُطّلع على الغيب أو مستبصر، أو بينجّم، ولا كان مجرّد إنه فاهم كويس دماغ الشعب ده عاملة إزاي، وكتب على الأساس ده. المهم إنّه حوّل فهمه/نبوءته/تبصّره لرمزيّة شديدة الجرأة.
 
 
محمد..
 
 
 
 
 
 

معزوفة الخناق والروقان (نظرة من فوق..)

Tc910905

 

منشور في موقع كلامنا http://kalamna.net/?p=637

 

المجد للرايقين في أيام زي دي، منهم الشباب المثقف اللي ما بيعملش غير القراءة وفقط، وأصدقائي من الدول برة مصر، وأصحابي الماليزيين هنا في طنطا (ميعرفوش أساساً إن فيه مظاهرات ولا اشتباكات ولا الهوا ) : ))))

 

الوكيل..

*****

في الأوقات اللي زي دي، بتعمل إيه يا كبير؟

آه آه، أوقات لما يكون فيه لَبَش والعالم بتاعت السياسة دي عمالة تتخانق مع بعض اللي إخوان واللي فلول واللي ثورجية/ثوار واللي بردعاوي وحمديني وحازم إلخ، وكلهم شغالين خناق وعاملين فيها بيختلفوا ف الرأي وكده؟

 

ممكن تبقى ثوري/ثورجي (تيارات بقى وإنت فاهم طبعاً..) ومخنوق أوي و(خلقنا لنعترض) وروحك في مناخيرك وساعات بيبقى نفسك تولع ف البلد وتهاجر وبعدين تحنّ وتقول لأ برضه بلدي وبتاع.. ممكن تكون إسلامي وناقم على اللي فوق دول ومقضيها تريقة من تحت لتحت أو مباشر وشتيمة وعلى لسانك كلمة “علمانيين ليبراليين متوحشين” ليل نهار، أو بتتكلم بتهذيب ومتضايق منهم برضه وبتعبر عن وجهة نظرك وبتتفادى الخناق، أو شغال جرّ شكل وخلاص.. ممكن تكون (شخصوي) أصيل عاشق لشخوص معينة وعمال تتخانق مع طوب الأرض عشان تلمعهم وتبرر أخطاءهم الكثيرة اللي زي الغسيل المش نضيف.. بيسموك أحياناً خروف أو عبد أو مبرراتي وممكن متبقاش كده بس عادي يعني..

ممكن حتى تكون واحد واخدها “خير الأمور الوسط” وبتحاول توفق بين وجهتين النظر وبتختم كلامك كله بالدعاء للبلد وللي بيتخانقوا أو حتى الدعاء عليهم –لما بتجيب آخرك- بإن ربنا يشفيهم أو يهديهم أو ياخدهم أحياناً (أيوة! أنا عندي نفس المشكلة دي!)

 

طيب.. مين بقى الطرف الخامس؟ آه هما، الناس الرايقة اللي بتضحك على طول.. أو اللي بتسكت على طول!

أيوة هما أصحابك دول اللي بتشوفهم ع الفيس بيشيّروا أغاني أجنبي أو عربي (عمرو أو أغاني صوفية أو أياً كان) وبيقعدوا يكتبوا كلمات أغاني أو يتكلموا عن أي ماتش ماضي أو قادم، ويشيروا عبارات رومانسية حالمة أو إسلامية رومانسية حالمة برضه (آه كتروا أوي دول دلوقت) أو عبارات تحفيزية أو صور أطفال صغيرين، أو يكتبوا عن روقان بالهم أو عن مشاريعهم للنهارده أو الأسبوع الجاي أو رحلتهم الأخيرة للسينما أو حلقة ديكستر اللي كانوا بيشوفوها امبارح أو أو أو..

 

السؤال الأساسي بقى: إنت لازم تكون مع حد من الأربعة “الإيجابيين” إن شئت؟ يعني، لازم تبيّن إنك ثوري أو إسلامي أو إنك عاقل وفاهم وعقلاني وكده يعني؟ لازم تدلي بدلوك ولازم تتخانق مع ده شوية ومع ده شوية ولازم ترفع ضغطك وتعلّي سكرك؟

ممكن تكون بتعمله وإنت مقتنع إنه له فايدة؟ آه وارد ومن حقك ساعتها، بس.. تعمله وإنت عارف إنه ملوش لزمة ومش هيفيد فعلياً ليه؟ بتخاف على برستيجك مثلاً إنه يتقال إنك مكانش ليك موقف في موضوع كذا؟

 

قولي، إنت بتحس براحة في نفسك لما تتظاهر إنك مهتم وإنت في الحقيقة نفسك ترتاح وتروق أعصابك ودماغك؟ الحقيقة معتقدش.. وحتى لو أردت إنك ترتاح هتلاقي دايماً اللي يجرجرك.. منشن من واحد صاحبك، مكالمة، حد ف التلفزيون غاظك، تويترجي غبي بيمارس هوايته ف الغباء.. مش كده؟

طيب.. جرب تكون صادق مع نفسك، وترتاح وتبعد.. صدقني مش هتفرق مع حد ولا حد هيحتاج وجهة نظرك في حاجة، إنت مش البرادعي ولا حمدين يعني.. لو إنت فعلاً مش في مكان مسؤولية فعلي وعندك في حياتك الشخصية حاجات ممكن تكون أفيد وأنفع، ليه تسيبها وتتخانق ف السياسة؟

 

روقانك وإنشغالك في حياتك الشخصية مش لازم يكونوا عيبة أو سلبية منك.. بالعكس، ممكن يكونوا إيجابية في حقّ نفسك إنت.. لو إنت شخص مضغوط وعرضة للضغط والعصبية أكتر من غيرك، تجبر نفسك تتحطّ فيهم ليه؟ بتنتحر؟ ده حتى حرام يا أخي! ممكن يكون روقانك وانشغالك بحياتك أفيد لناس كتير بتحتاج اللي بتعمله ده.. وكل واحد في مكانه عارف إيه اللي بيعمله وبيفيد غيره فعلاً غير النقاش ف اللي قاله مرسي أو اللي همس بيه البرادعي أو التفة اللي تفها حمدين امبارح العصر..

 

نصيحة بقولها ليك ولنفسي: اعمل اللي إنت شايفه صح.. طظ في البرستيج واللي هيقولوه.. دي حياتك وإنت اللي هتُسْأل عنها.. ضحّي بيها وضيعها في حاجة عِدْلة.. جرب حتى تنعزل وتتفرغ للي يفيدك إنت ع المستوى الشخصي إنشالله تقرا ولا تسمع مزيكا ولا تشوف أفلام أو حتى تذاكر –يا أخي!- لو طالب طب فاشل زي حالاتي : ))

 وبصراحة بقى، مش هيبقى حلو ربنا ييجي يسألك يوم القيامة عملت إيه في حياتك تقوله: ضيعت تلت حياتي هري فاضي ف السياسة..

 

دعوة للروقان أو للمشي ورا ضميرك، وبس.. J

 

“إهداء للصديقة نهى الماجد، والمجد للرائقين في الأرض.. :) “

 

 

محمد الوكيل

A.M.Revolution