بسم الله الرحمن الرحيم
ليس بموضوع عبقري جداً للكتابة ذلك الذي أكتبه بعد فترة إنقطاع عن الكتابة لا بأس بها وأستهله بهذا العنوان الغريب.. ^^"
لكن الحقيقة أن هذا ما أنا عليه حالاً.. الآن أرتشف كوباً آخر من النسكافيه وأستمع إلى (بريكنج بنجامين) هؤلاء الذين لا يفشلون أبداً في ضبط أوتار ذهني المرهقة، وأتراجع في مقعدي وألجا إلى برنامج "رايتر" خاصتي، فقط لأدوّن بعضاً من أسباب تلك "الحيرة الكونية" التي تنتابني..
يحيرني الآن ما يحدث في مصر، كله في الواقع لا جزءاً منه حتى.. أحتار لأجد سبباً مقنعاً جعل الجميع –فجأة- ينسون/يتناسون أيام ما قبل 11 فبراير ليعودوا مثلما كانوا قبل 25 يناير، فقط بزيادة مقدارها الضِعف..!
نفس الشقاق السخيف ونفس مناقرات الديكة البلهاء والتنظير عديم الجدوى، والسخرية الفارغة، ونفس الأكاذيب ونفس الإدعاءات والعجرفة.. الفرق أن الشقاق صار أخاديد، والمناقرات صارت مصارعة محترفين، والتنظير صار كعدمه، والأكاذيب صرتُ أجدها في قصبتي الهوائية من كثرة ما أستنشقها من الهواء حولي..!
يحيرني ذلك جداً: هل من الصعب حقاً أن نكون واحداً..؟ أليست هذه بلدنا معاً؟ لا أتذكر أننا قسمناها نصفين بعد الثورة ولا أتذكر أن الأشخاص تحولوا فجأة بعد 11 فبراير.. هو هو نفس الشعب وهي هي نفس الوجوه والأدمغة.. ما الذي حدث إذاً..؟؟
يحيرني الألم.. لماذا..؟ لماذا وُجِدَ الألم وهو.. ألم؟ هو شئ لن نهلك دونه وربما سنصير أفضل، فلماذا وِجَد..؟ لماذا نتألم ولماذا نشعر بالألم أصلاً.. لماذا يؤلمنا الألم..؟؟
تحيرني الروح.. أهي بداخلنا حقاً..؟ لماذا نشعر بذلك الدفء الجميل مع أحبائنا، ونطير نشوة حين نرى الجمال ونشمه ونحسه، ولماذا نشعر بذلك الذبول والانكماش ساعة الحزن..؟ ما هي تلك الزهرة الغامضة التي تزدهر وتذبل داخلنا مع كل ذلك..؟
يحيرني "هو"، جلّ في علاه وتقدست أسماؤه.. يحيرني ذلك الوجود الذي لا أراه، لكني أحسه.. في كل جميل أحسه وفي كل حكمة بالغة أشعر بذلك الحكيم الذي وضعها، وفي كل نمو لزهرة الروح أجده هو مصدر ذلك الماء العذب الذي يرويها.. وفي داخل كل بيت عبادة أجدني في جواره غير أنني لا أراه.. أي وجود عظيم هذا، وأي قوة وعظمة..؟ وأيّ صبر وحِلم..؟ ذلك الوجود الذي ينكره نصف البشر وهو القادر على محوهم لكفرهم إن أراد.. أي عظمة وصبر وحِلم ومحبة ورحمة..؟ يحار القلب والفِكر يا ذا الجلال والإكرام..!
يحيرني أنا، وجودي وفِكري وتفكيري وأفعالي وابتساماتي وحزني الغامض واكتئابي الذي أستلذّ به أحياناً، وتناقضي: حبي لهذا العالم وللعالم الآخر في نفس الآن، قدرتي على الابتسام رغم الحزن، اغترابي الدائم رغم عدم مغادرة الديار.. تحيرني يا أنا، حقاً..
تحيرني الموسيقى.. يذهلني أنها قادرة على الكتابة بقلم مسموع.. قادرة على تحرير المشاعر ونقلها صافية دون شائبة.. ويحزنني أن لم أستطع –ولن أستطيع- أن أعزف مقطوعة واحدة حقيقية في حياتي.. لربما كانت أفضل من ملايين الكلمات التي كتبتها قبلاً..
يحيرني.. كل شئ.. تحيرني أنه لا بساطة في أي شئ وإن بدا كذلك.. لا صورة نقية ولا شئ صافٍ أبداً ولا شئ حقيقي.. ويحيرني أني أتألم لذلك..
يحيرني أن انتهى بي الأمر هكذا..!
ولأنها حيرة كونية دائمة دوام الكون، لا أملك سوى أن أبتسم وأختنق بحيرتي…
Breaking Benjamin – Firefly
محمد الوكيل
A.M.Revolution