نحتاج، هذه الأيّام، في جوفنا قلوب أطفال: صافية بيضاء كثوب قماش جديد، بلا علامات (سالب) من أيّ نوع، فضوليّة نهمة للعالم ولرؤية كلّ شيء ولفهم كلّ شيء دون حساب، تنام في هدوء لا تلقي بالاً للغد ولا للماضي، قادرة على الضحك والإضحاك دائماً ودون حساب أو سؤال أو ظروف، ترى الجمال وتحسّه وتشمّه وتعيشه وتعطيه لكلّ من يريد ومن لا يريد، كدعوةِ نبيّ.
ومن الغباء أن لا نلحظ فرقاً أبداً بين “قلوب” و”عقول” الأطفال: لا نحتفظ بشيء ولا نذكر شيئاً ولا تتعلّم شيئاً، متطرّفة الفهم متحجّرة لا تفهم سوى الأبيض والأسود والخير المطلق والشرّ المطلق ولا ترى بينهما امتزاجاً أو مسافات بينيّة، ترى الحلّ الوحيد للمشاكل محوها المطلق والأبديّ وبأسرع وأقوى وسيلة، ولا تلقي بالاً ل”الأشرار” ولا تحاول فهم شيء عنهم أو عن غيرهم، لا تقرأ وإن قرأت حفظت ولا تفهم، وإن فهمت لا تفعل وإن فعلت أفسدت.