أن نموتَ دون أن نتعلّم كلّ شيء..!

GoodReads-Icon

لو كنت من عشّاق موقع Goodreads –الشبكة الاجتماعيّة للكتب-، فبالتأكيد سمعت عن خاصية تحدّي القراءة Reading Challenge حيث تبدأ العام الجديد بتحديد عدد معين من الكتب عليك الانتهاء من قراءته قبل نهاية العام (أنا حددت لنفسي هذا العام 100 :)) ) .

ما رأيك؟ تبدو فكرة مثيرة، خاصةً وإن كنتَ مجنون كتب مثلي تتمنى أن لا تموت قبل قراءة مئات الآلاف من الكتب. يبدو تحدّياً مميّزاً وطريقة مثاليّة لإلزام نفسك بحدّ أدنى من القراءة اليوميّة، سواء كنت ذا منهجيّة معيّنة في القراءة أو فقط تقرأ لمزيد من المعرفة أو للمتعة الخالصة، وفي كلٍ لا ألومك.

لكن فلنفكّر: ألا يمكن أن يكون هذا ضاغطاً قليلاً، ما يتنافي –تماماً- مع فكرة التعلّم وتدبّر ما نقرأ؟ أنا نفسي بدأت ألاحظ هذا: بعد تحديد هدف من 100 كتاب، وصلت الآن إلى نهايات الشهر الثامن من السنة ولم أنهِ سوى 38 كتاباً ونصف! إذاً الخياران هما: أن أقنع بعدم الوصول للهدف المحدد، أو أن “أكروت” في القراءة حتى أشبع مستقبلات (الدوبامين) في مخّي بتحقيقي لهدف ما.

6d794ab98ec20b55b6ba6b4b117200cf

قطعاً “الكروتة” ليست المطلوب هنا. بالنسبة لي لا أنوي أن تكون القراءة مجرّد لعبة تنافسيّة أخرى، أنا أعيش بها، أتعلم وأنتج بها وأنمو خطوة على الطريق. عقلي ليس مكتبة قديمة أزاحم فيها كعوب الكتب بجوار بعضها لتكون ديكوراً، كثيراً من العناوين أباهي به أصدقاء الفيس بوك وروّاد الصالونات الأدبيّة. هذه –بالأحرى- إهانةً بالغة لأقيم هديّة منحنيها الله. منذ أسبوع ونصف بدأتُ في حلقة دراسيّة عن (تعلّم كيفيّة التعلّم Learning How To Learn)، ملخّص إحدى أفكار الدرس هو أن المعلومة (أو كتلة المعلومات المترابطة) تصير أكثر قيمة وثباتاً وقدرة على الارتباط بغيرها، مع (التكرار المستمرّ – الاسترجاع – الفهم – ربطها بأفكار وكتل معلومات أخرى) بطرقٍ مختلفة أتعلّمها في الدرس هذه الأيّام. ظنّي هو أن القراءة السريعة العابرة بنيّة دوبامينيّة خالصة مثل (تحقيق هدف التحدّي) لا تحفظ أيّ معلومة هنا أو هناك. هي دفعة بهجة لحظيّة تذهب لحالها.

 

****

تحدّث (جون ديوي) في كتابه (الحريّة والثقافة) (عام 1939!) عن أن كثرة المعلومات وتسارع الحاجة للتعليق عليها فوريّاً، أمر مرهق = يؤدي إلى (تخلّف ثقافي ملحوظ) على حدّ تعبيره! وأنّ تسارع وسائل النقل والتواصل أدّى إلى تشتيت وعي الناس بمؤثّرات سريعة فجائية قد لا تخصّ أغلبهم أصلاً في شيء، بل ومطلوب منهم دائماً التعليق عليها (بضغط مجتمعيّ وإعلامي!). وكأني به يتحدث عن عصر الشبكات الاجتماعيّة! لم يكن في عصر (ديوي) تويتر ولا فيس بوك ولا إنستجرام ولا live-streaming، بل التلغراف والراديو والتلفزيون، ثم يشتكي (ديوي) من ضغط المعلومات!

اليوم قد يفتح أحدنا فيس بوك وتويتر ويوتيوب وكورسيرا وجوجل وMedium وBuzzfeedو Pocket في نفس الوقت معاً فيتنقّل بين هذا وذاك بسرعة البرق فيحصّل في ساعة معلومات كان قبل 10 سنوات يحصّلها في يومين! لكن الاستفادة 30% من السابق تقريباً!

أعرف، وأفهم تماماً قلقنا من أن نموت دون أن نقرأ كلّ شيء، أو نتعلّم كلّ شيء، أو خوفنا من ألا نلاحق قطار الحياة ولا نتعلّم مهارات أساسيّة لنعمل ونطعم أنفسنا، وألا نتمكن من تعلّم الألمانيّة أو الإنجليزيّة لنهرب بجلدنا من هنا.  لكن إن كنتَ فاعلاً، فثلث لقراءتك وثلث لاستيعابك وثلث لإنتاجك. لا تخلط الأمور وامنح عقلك بعض الراحة، لا أنت ولا هو مستفيدان من انفجاره بفرط المعلومات الjunk.

 

****

صاغ بيجوفيتش في نهايات القرن الماضي مشكلتنا وحلّها في عبارة قصيرة، لا تزال سارية المفعول اليوم وأكثر من عصره بكثير:

“القراءة المبالغ فيها لا تجعلنا اذكياء , بعض الناس يبتلعون الكتب و هم يفعلون ذلك بدون فاصل للتفكير ,و هو ضروري لكي يُهضم المقروء و يُبني و يُتبني و يُفهم . عندما يتحدث اليك الناس يخرجون من افواههم قطعاً من هيجل و هايديجر او ماركس في حالة اوليه غير مصاغة جيدا , عند القراءة فان المساهمة الشخصية ضرورية مثلما هو ضروري للنحلة العمل الداخلي و الزمن , لكي تحول الرحيق الازهار المتجمعة الي عسل”

علي عزت بيجوفيتش

محمد..

كلام.. مش هيعجب حد..! (1)

بسم الله الرحمن الرحيم

unlike

* بالنسبة للخناقات الكلامية اللي حاصلة اليومين دول في الفضائيات ونوتس الفيس بوك والمدونات وتويتر واللي أصحابها مش وراهم غيرها، على أشياء لم تحدث بعد، أفضل شخصياً يبطلوا كلام ويلغوا عقود الرغي مع الفضائيات ويعملوا دي أكتيفيت للفيس بوك وتويتر ويقفلوا مدوناتهم وينزلوا الشارع يعملوا حاجة، يقربوا من الناس يفهموهم يعني إيه سياسة وأحزاب وليبرالية وإشتراكية ويسار ويمين إلخ إلخ، يقعدوا على قهاوي يلعبوا طاولة مع الناس ويسمعوا منهم مشاكلهم اللي بجد والقرف اللي هما فيه، ياخدوا كوادر الشباب كلها كده مرة واحدة ويعملوا بيها خدمات عامة –مش خدمات رغيوية- للناس، حتى أقل حاجة تبقى دعاية للتيارات والأحزاب دي مش عيب والله.. وبرضه اللي بيشتغلوا في الشارع وقريبين من الناس يا ريت يعرفوا الدنيا كلها هما بيشتغلوا إزاي، عمل الخير ونفع الناس مش عيب لما يتعرف..

محدش يزعل مني لما أقول إني بحب الإخوان والسلفيين، حتى لو وحشين وفيهم عِبَر الدنيا، على الأقل أوي قريبين من الناس ويقدروا يوصلوا للشارع بسهولة والناس بتفهمهم وتسمع منهم أكتر من غيرهم.. عندكم فكر كويس أوصلوا بيه للناس، والبقاء للأفضل.. بس ^^

* في نفس الأوساط المذكورة أعلاه، بلاحظ إن كلمات “استقرار” و”بناء” و”نهدأ” و”نشتغل” وما يشابهها، بتعامل معاملة الألفاظ القبيحة أو كأنها شرك بالله (مع إني لو كنت بقبح أو بأشرك بالله ما كانش حد هيلومني أوي كده) ^^” ونفسي أفهم السبب.. جدياً، مش عيب لما أتكلم في ده كله، هي مش البلد فعلاً محتاجة مننا شغل عشان تنضف من بلاوي النظام القديم، وعشان ترجع تقوم على رجلها تاني؟ هو الهتاف والمطالبات لوحدها كفاية يعني؟ ولا أنا غلطان، بجد؟ يا ريت حد يفهمني عشان ممكن أكون فاهم غلط..!

* مش متعود أمشي مع أي زيطة وأهتف مع كل واحد بيهتف، مش بحب كده وبعتبره سفاهة حتى لو كان سبب الزيطة تدوير على حق.. حتى قبل الثورة –وهتكلم بصراحة- مكنتش مقتنع بالفكرة تماماً رغم إني كنت بدعم أصحابي اللي بينزلوا معنوياً وإعلامياً.. ببساطة لأني كنت خايف من العواقب ومش عاوز أشترك في حاجة تطلع عاقبتها شر وأكون أنا في الآخر واحد من اللي تسببوا في ده، بس ده طبعاً اتغير بعد جمعة الغضب الحمد لله.. الثورة طبعاً الحمد لله أول خطوة فيها نجحت، بس أنا برضه زي ما أنا.. اللي هتفوا “الدستور أولاً” ما هتفتش معاهم ومش هعمل كده –لأني مش مقتنع!-، واللي بيهتفوا بتجميد عمل جهاز الداخلية برضه مش ههتف معاهم، لحد ما أتأكد فعلاً إن اللي بيحصل ده مصلحة حقيقية للناس.. اعتبرني ببالغ في الحذر أو حتى اعتبرني جبان، بس أنا كده.. آسف ^^”

* حاجات كتير اتعملت فجأة ثوابت وخطوط حمراء لو تجاوزناها نبقى غلط وعكس التيار ونستاهل ضرب الجزمة، وحاجات لو ما اهتميناش بيها نبقى خسرنا انتماءنا للإنسانية أو للمبدأ والفكرة أو للدين أو الوطن..!

ليه يعني؟ هو أنا لو قلتلك إني مش ليبرالي مثلاً يبقى أنا ضد الحرية والعدل والمساواة؟ ولو قلتلك إني إسلامي التوجه يبقى أنا متخلف ورجعي وابن كلب وبتكلم باسم الدين؟؟ ولو قلتلك إني مش يساري يبقى أنا ضد الفقراء ونخبوي؟ ولو مهتميش بحد مات في حادثة أو شهيد بسبب تعذيب أو إرهاب إلخ إلخ.. أبقى فاقد للإنسانية ومعنديش دم؟! ولو مش بسمع اللي بتسمعه أو بتفرج على اللي بتتفرج عليه أبقى مش بفهم أو عديم الذوق أو غريب الأطوار؟! يا جدع دانا لو زعلت على كل بني آدم بيموت أنا اللي هموت وراهم من كتر الهم ومش هقدر أعيش وأعمل اللي ربنا خلقني عشانه في الدنيا ^^”

ليه التعميم الغريب ده؟ وليه أصلاً الثوابت دي بتتحط كده؟ والله العظيم تلاتة أنا إنسان –مش قلبي حجر!- ومصري ومسلم وإسلامي الفكر والتوجه –بس مش تبع جماعة معينة- وليا اهتمامات وفكر وآراء.. مش لازم أثبت لسعادتك إني ده كله أو إني مخلص أوي في ده كله، ومش لازم أفضل ورا الخط الأحمر اللي إنت رسمته بنفسك إنت والمجتمع عشان أبقى ده كله، أياً كان الخط ده إيه.. صدقني، ربنا وحده اللي يعرف مدى إخلاصي في كل ده، وهو اللي هيحاسبني، مش إنت، مع كامل احترامي ومحبتي ليك :)

* مش بحب أكون تبع منهج أو فكر معين اللي بيتبعوه نفسهم معتبرينه غامض لحد الآن، وكل واحد فيهم له فهم خاص مختلف كلياً للفكر ده تبع مزاجه فيه.. بحب الفكر اللي ماشي بيه يكون له أساس ثابت وفيه نسبة من المرونة تقدر تتقبل كل فكر تاني وتتعامل مع المجتمع والدنيا بمرونة من غير بعد من الأساس.. ومش بحب التشتت والتفرق تحت أسماء وألوية كتير.. خلونا أحسن ندور على الشئ المشترك بيننا ونتحد تحته، بدل ما كل واحد ماشي بمزاجه، بغض النظر عن توجهه.. ينفع، ولا هو صعب أوي..؟؟

* بيني وبين أصحابي بحب يكون فيه عشم، نكون قادرين نفهم بعض ونقدّر ظروف بعض ونسامح بعض.. مش بحب إني أتعامل مع صاحبي زي ما بتعامل مع أبويا –الله يرحمه-، بمنطق خوف من زعله وبرسمية زيادة عن اللزوم.. صاحبي يعني.. صاحبي! صاحبي مش أبويا.. صاحبي اللي بجد هيقدر يتقبل طبعي زي ما هو، مع محاولات مخلصة طبعاً لمساعدتي في معالجة أي عيوب في الشخصية.. وعلى كلٍ، بحب كل أصحابي حتى لو هما مش زي ما قلت كده ^^

* مش بقدر أتخلى عن حزني وإحباطي وسهولة، كأني إلى حد ما بستمتع بكوني بعيشهم.. هما حاجة بتشكّل شخصيتي بشكل أو بآخر.. وزي ما قالوا بريكنج بنجامين Breaking Benjamin:

“Forever, and ever, the Scars will remain..”

بس ^^

شكراً..

محمد الوكيل

A.M.Revolution