(Source: https://www.pinterest.com/pin/466615211373550607/)
قبل زمن، وقبل أن أَلِجَ هذه الدوّامة، وضعتُ لنفسي –على مدخلها- تحدّياً: لن أتوقّف عن الكتابة ولا عن القراءة، ولن يشغلني السعي على المعايش والتيه في الحياة عن الكتابة، ستكون محراباً صغيراً آوي إليه، وستكون القراءة جبلاً يعصمني من ماء الحياة الآسن.. والأهمّ: لن أصير وجهاً آخر في الزّحام.
وأجدُ في نفسي علامات الانحدار إلى الفشل.. بصعوبة شديدةٍ أكتب، ببطء شديدٍ أقرأ، لا وقت وإن وُجِدَ الوقت فلا رغبة ولا مِزاج، الترجمة الحرّة هي كتابتي وقراءتي الوحيدة وأبداً لا أنكر نفعها العظيم، لكن لا غنى أبداً عن فلكي الذي أدورُ فيه ولو متباطئاً. غير ذلك فإنني أدون من أكون أحد أسنان الترس العملاق.
فلأواجه الحقيقة: أنا في الطريق لأصير وجهاً آخر في الزّحام، ما لم أفعل شيئاً، ما لم أُقاوِم. بأيّ طريق؟ أكتب طبعاً! ماذا أكتب؟ هذه التدوينة.. أقرأ.. ماذا أقرأ؟ “صرخة النورس” لإيمانويل لابوري، كتابُ لطيف خفيف ممتع، لا يخلو من لسعةِ الألم. أترجم.. ماذا أترجم؟ ما يقع في يدي من نصوص تابعةٍ لعملي.. أبداً لم أشعر أن هذا عمل، كل لحظة فيه هي متعة خالصة بالنسبة إليّ، تخيّل أن تفعل كلّ ما تحب بينما تعمل: تقرأ، تكتب، تتعلّم، تبحث وتستكشف، وكل ذلك يسمونه هم: عملاً! هو بهجةٌ حقيقيّة، وشيء وحيد نادر أستيقظ صباحاً كلَّ يومٍ لأجله.
هل أعتبر أنني فشلتُ في التحدي؟ أنا في مفرق الطرق، أو على الحدود بين الأرضين، تشدُّني كلّ أرضٍ إليها، ولأسباب قويّة في الحالتين للأسف.
عجيب أن يأتي على الناس زمانٌ يضطّرون فيه للمحاربة لكي يكونوا “بشراً” فقط.