"خليك في حالك".

20150819_134729

(في طريقي لمشوار الإمضاء اليوميّ، تستقبلك في مدخل مجمع مستشفيات الجامعة كأنما هي عبارة ترحيب ذات مغزى ما تخبرك بقانون/عُرفٍ ما للمكان، مكتوبةً بخط جميل دقيق: “خليك في حالك”. تصويري، كاميرا Galaxy Note 3، بتاريخ 19 أغسطس 2015. لجودة أعلى انقر الصورة)

حقاً، لماذا قد يُتْعِب أحدهم نفسه فيشتري 3 علب طباشير أبيض على الأقل، ويقتطع الكثير من الوقت والصّبر وصفاء الذّهن، فقط ليكتب “خليك في حالك”؟ ماذا أراد؟ ماذا عنى؟

قطعاً هو يعرف المعنى الأولى المُتَلَّقى للعبارة: عبارة صادمة صداميّة مُنْكِرَة مستنكرة يقولها قائلها في تنفير، في دفعةٍ معنويّة لك بعيداً عن ما لا يريدك التدخّل فيه. (إليكَ عني)، (الزم شأنك)، أي شيء من هذا القبيل. لماذا قد يقول هذا لفردٍ داخل إلى مستشفى (وهو في حالتنا هذه طبيب أو مريض أو قريب/أقرباء مريض أو طالب في كليّات المجمّع)؟ أيّ شخص من هؤلاء مقصود، وأيّ حال يجب أن يلزموه فقط بالاهتمام؟

ألا يمكن أن يكون قاصداً: اهتمّ بشأنك فهو أولى بالاهتمام، لأنك تملك الكثير مما يجعلك رائعاً فعلاً ويستحق منك الاهتمام، أو ببساطة لأنك بائس جداً؟ أشكّ أن يكون بذلك التفاؤل.

وبالتأكيد هو ليس قائلاً العبارة في حالة غضب أو ضيق لحظيّ من أي شكل. ربما كانت مشاعر كامنةً تحوّلت لريشة في يده، وربما كان فقط يداً لكاتبٍ آخر. كلّ شيء جائز. فقط هو شخص رأى أن إلزام الناس بحالهم رسالة مهمّة جداً حتى لينفق عليها كلّ ما في سعته في تلك اللحظة.

 

كل ما يهمّنا هنا، هو أن العبارة لم تأتِ مع دليل استخدام ولا كتب تفسّرها، وأننا ربما لا نملك أبداً معرفة المقصود الحقيقيّ من العبارة من فم القائل.. وهذا لا يهمّ هنا. يمكنك ببساطة أن تأخذ منها ما يهمك وتدع ما لا يهمك، أن “تخليك في حالك” فيما يخصّ هذه العبارة، باختصار :) يمكنك إذاً، ببساطة، أن تعتبرها مقياساً غير دقيق جداً –لكنه كافٍ- لفلسفتك في الحياة :)

 

محمد..

صَدْمَة: استمرّ..!

KeepLaughing

الصّدمة، الشعور المفاجئ بالخواء، الحيرة الوجوديّة فيما بعد، ثم المشاعر المضطربة.

تقرأ العبارة على جدارٍ بينما تسير عائداً من عملك، كليّتك، مقهاك ومجتمع رفاقك في السوء أو الخير، سعيدا أو كئيباً لأحد أو كُلّ الأسباب المعتادة، ثم تحين منك نظرة فتقرأ: استمرّ في الضحك.. ستموتُ قريباً..

الأمر يبدو كخطّ بياني يمضي متعالياً منتشياً متقافزاً، ثم يتوقّف فجأة، ثم ينحدر بأقصى سرعة.. صحّ؟

كلنا بنفوس وعقولٍ مختلفة، تربيات مختلفة وأفكار وثقافات تختلف قطعاً مهما تشاركنا البيوت واللقيمات. وكلّنا سيتلّقى العبارة بذات الصّدمة، وكلّنا سيعالج الصّدمة بطريقة مختلفة، ولا شكّ.

غالباً سترى العبارة دعوةً صريحة للاكتئاب، الزّهد والعُزلة. “أنا سأموتُ قريباً بأيّ حال فما داعي الضّحك؟”، ستراها صوتاً لائماً شبه أبويّ كذلك الذي يقول لك: استمرّ في اللعب، الامتحانات قريباً وسترسب. تعرف الشعور بالتأكيد. “قد” ترى العبارة حافزاً..! حافزاً لأن إما تضحك أكثر وتنال كفايتك من الضّحك حتى لا تموت وفي نفسك رغبةٌ من الدّنيا، وإمّا لأن تقدّم لحياتك الآخرة في الدّنيا، لأنك “ستموت قريباً”، وفي هذه الحال إما ستتجاهل نصفَ العبارةِ الأول تماماً وإما ستراه –كذلك- ذات الصّوت شبه الأبويّ إيّاه. وقد تكون، فقط، مجرّد عبارةٍ يائسةٍ أخرى في زَمَكان لا يدعو سوى لذلك.

 

بشكلٍ عام، الأمر كناقوس.. شيءُ يدقّ داخلك، يهزّ جدران كيانك بشكلٍ ما، أو يلقي حجراً في مياه راكدةً ما أو يضيف موجة جديدة لمياه ثائرة بالفعل، أو قد يُحرّك ذرّة فيك.. وقد لا يفعل أيّ شيء.. كأيّ حجر في الطّريق.

 

محمّد..