أنا كذلك: يوماً ما.. كنتُ إسلامياً!

نعم يا (أحمد أبو خليل)، يوماً ما كُنْتَ إسلامياً، وأنا كذلك.. وجازى اللهُ الحنينَ الذي أيقظه بداخلي كتابك الرائع (يوماً ماً.. كُنْتُ إسلامياً)!

17185936

هو كتاب أنيق من القطع المتوسط في 217 صفحة عن دار (دَوّن) يحمل إشارة لأن النسخة بين يديّ من الطبعة الرابعة، وهو ما جعلني مبدئياً أنفرُ لأنني أكره الكتب كثيرة الطبعات الشائعة جداً، إلا أن هذا غيّر فكرتي نوعاً.. تَجدُ هنا بعض تفاصيل عن قراءتي للكتاب على صفحتي في (جود رييدز):

http://www.goodreads.com/review/show/614213991

 

مهم أن أقول هنا أن الكتاب بشكل ما هَزّني من الأعماق، ووضعني في حالة يقظة ونوستالجيا وحنين وألم وإحباط وسعادة وأمل.. صفحات الكتاب حملت الكثير من كل هذا، النوستالجيا والذكريات خاصة، وحملت بعض كلام قليل لكن شديد الخطورة عن الحاضر الحالي الزاهر شكلاً المهزوز مضموناً –للأسف-، وكلاماً أشدّ خطورة عن: ماذا بعد، وكلاماً آخر فوق كل ذلك كأنه حساب المَلَكيْن!

 

ذكريات الطفولة في مدينة رسول الله، منزل (العوالي) ثم (الزاهدية) بأطراف المدينة، مسجد رسول الله والقبر الشريف الذي استقبلته رافعاً يدي أول مرة كهيئة الدعاء غير فاهم، شيوخ سعوديون بالقناة الأولى وكارتون وأفلام “خليعة أحياناً” على القناة الثانية (!)، صلاة في الحرم أو قباء كل جمعة مع المرحوم، قصص الأنبياء والسيرة النبوية وقصص الحيوان في القرآن للأطفال في محاولة من المرحوم لتنشئة طفل “مسلم” إن لم يكن “إسلامياً تماماً”.. الشيخ الشعراوي وخواطره وتفسيره في الفضائية المصرية، ثم المدرسة الإبتدائية بمصر والتي كانت إسلامية بدورها.. ثم مرحلة التحوّل المهمة في حياتي: الجيل المسلم الإعدادية بنون.. مدرسة الإخوان التي لم أعرف أنها كذلك حينها، تلك التي أنقذتني من انحراف محقق في مجتمع ملوث كمجتمع تلك الأيام، أذكار الصباح في الحافلة وصلاة الظهر بين الحصص وحصص القرآن وقصص الصحابة والأنبياء، وحديث الجنة والنار والساعة، حرب العراق والانتفاضة وغزة، كراهية إسرائيل الزريعة فينا للآن.. عالم يوتوبي شبه مثالي في قلب مدرسة كنا نعدها بيتاً ثانياً.. ثم نهاية الحقبة الإسلامية إلى المدرسة الثانوية الحكومية..

ربما لهذا فقط أجرؤ أحياناً على دعوة نفسي “إسلامياً” أو على الأقل “مؤيداً للتيار الإسلامي”، فقط لأن فكرة “الأمة” و”عالمية الإسلام وشموله” لن يفارقا خيالي للأبد، و-ربما- احتراماً لذكرى تلك الأيام التي أذكرها كلما تلوتُ أذكار الصباح في عجلة..

 

ثم هو الحاضر الصادم الأليم: تغيّر الانطباعات، الصدمات في كثيرين، الشعارات العالية جداً التي تحطمت على صخرة الواقع أو نُسيَت مع زحام الدنيا وزينتها، الخلاف والشقاق عكس كل أحلامنا قبل وبعد الثورة، وتباعد حلم الأمة أكثر فأكثر مع كل تلك المخاوف، مع بعض كتابات بيجوفيتش وسيد قطب –رحمهما الله- التي تعطيك بعض أمل ودفعة معنوية في أنك ما تزال تحيا لشئ آخر غير الأكل والدراسة والتدوين.. والتفكّر في كل ذلك وفي تفاصيله ومحاولات مرهقة فعلاً لتكوين رؤيا وزرع جذور وخلق كيان خاص مستقلّ حر..

 

وحاضر يتبعه مستقبل وحساب مَلَكَيْن: من أنت؟ أين أنت؟ ما أنت؟ من ربك، من دينك، من نبيّك؟ أسئلة تحسبها بدهية لكنها ليست كذلك على الإطلاق إن أردتَ أن تسمو ولو بعض درجات.. أسئلة يتحتّم عليك إجابتها كلّ يوم، تذكّر الإجابة ومراجعتها لجل أن تنجح في الاختبار الأخير الحقيقي، ولجل أن تجعل لهذه الدنيا لازمة..

يوماً ما.. كُنْتُ إسلامياً، وأريدُ أن أعودَ لذلك ولو بقلبي، هَزّة عنيفة نفضت الكثير من التراب، وكثير من الوقفات أوجبتها قراءة ذلك الكتاب..

يوماً ما.. كُنْتُ إسلامياً، وأفخر بذلك رغم التشتت وكثير القلق، ورغم كثير التلوث وزحام الدنيا والأفكار والرغبات والتفاصيل الصغيرة، وأريد لو أعودُ لذلك وأعيش به ما استطعت، حراً لا أنحني لشئ غير الله الحق ولا أتبع غير الحق أينما كان، ولا لصنم مهما كانت مادته.

 

Three Days Grace – Never Too Late

 

 

محمد الوكيل

A.M.Revolution

أضف تعليق