يوميّة: قهوة وشيكولاتة.. ويوم يحاول أن يجد عنواناً.

على مهل شديد، أحتسي قهوة هي أدفأ ما في هذا الصباح، وأقتطع –مع كل رشفة- قضمة من قطعة شوكولاتة كبيرة، في مزيج ماتع لا يتوافر ولا يصحّ ولا يحلو إلا في أشعة شمس صباحية لم تسلم من البرودة هي الأخرى..

492651646707480733_tYL8ogBl_c_large

أمارس صباحي بتمهّل شديد يقترب من البطء، أكتب، أشرب، أخطو في الشقّة، أفكّر، أحرّك يديّ وعقلي، بتمهّل يدهشني أنا الذي يعيش في عجلة دائمة من أمره وبلا جدوى.. لا أتعجّل شيئاً وأتمنى لو يدوم هذا الحال للأبد ما استطاع الأبد أن يفعل..

“اشتياق”..

هل يصلح العنوان لهذا الصباح؟ لِمَ لا؟ كنتُ حقّاً أشتاق لحالة من الوجود كهذه، أمارس حقّيّ في الوجود وفي الحياة على مهلٍ لا أتعجّل شيئاً، أجرّب شعوراً غامضاً اسمه الاستمتاع بالآن، أدع الأفكار تختمر في عقلي ببطء..

ثم أشتاقك.. أليس يكفي هذا ليكون عنواناً لصباحي..؟ لعن الله المسافات وكل ما قد يباعدنا.

 

كيف يتحقّق شئ بينما أنتظر أو أنا جالس مكاني..؟ كان ومازال هاجسي أن أحقّق أسطورة شخصية، أن أتجاوز حدودي الشخصية –الذهنية- وأصعد إلى قمم أخرى.. للأسف ما أزال في السفح حيث كلّ السخرية وكل الإحباط وكل الفهم الخاطئ، وكل شعورك بالعجز بينما ترى القمة وأنت مقيّد بسلاسل جحيمية إلى السفح ولا تطالها.. المشكلة أن تلك السلاسل لم تنبع سوى من جسدك أنت، والآن تخاف تحطيمها.. والآن تشكو إذ أنت في السّفح..

 

لم يفهموك تماماً بعد.. لم –ولن- يدركوا أنك لستَ تسعى سوى للقمّة، بينما هم يلهون عند السفح مستمتعين بتقييد أنفسهم –وغيرهم معهم- ظانين أن هذا هو منتهى الأمل.. سيزيفيّون لا يبرعون سوى في دفع الصخرة لأعلى والعودة لالتقاطها ودفعها للأعلى من جديد، بغبائهم هم.. يَحْزُنُك مرآهم وتصرخ في وجوههم ليدركوا حقيقتهم، فإذا بك تجدهم يتحولون إلى قوم نوح..!! أنت لستَ تتبع سوى الحقّ وهم يظنونه يتبع أهواءهم… وحقاً أنت في حيرة: هل تدعهم يحترقون بشرارة أيديهم، أم تمارس دورك الزائف كـ(مِسَيّا)؟

 

دوماً تسيرُ في طريق غير طريقهم، لا همّ لك سوى تربية نفسك كما تريد أنت: أقوى، أمضى، خالد الاسم خالد الذكر كهؤلاء الجالسين فوق القِمَم.. لكن لا تزال تقيّدك السلاسل ولا تزال لا تستطيع أن تصمّ أذنك عن السيزيفيين، ولا يتوقّف الصراع داخلك أبداً، هي الحيرة كأنما اتخذت حياتك رغماً عنك الحيرة والانتظار والاشتياق عنواناً.. الاشتياق لكل ما تريد، واضطرارك لانتظاره وحيرتك فيما إذا كان لك وما إذا كنتَ تستحقّه أم لا..

 

تتوقّف سريعاً عن التفكير وعن الكتابة قبل أن يتزايد الأدرينالين في دمك، وقبل أن يعاودك ألم الصدر الغامض ذاك.. وتتمنّى أن يكون الحلّ الأخير لحيرتك لكنك لا تحتمل فكرة الموت ولا فكرة الألم من الأساس، فتتابع العيش.

 

ولم يزل الاشتياق العنوان.. الاشتياق لكلّ شئ، الاشتياق لحالة من الحياة، الاشتياق لها، الاشتياق لك.. لأنت الحقيقيّ القابع في مكان ما هنالك..

 

Becca – I’m Alive

 

محمد الوكيل

A.M.Revolution

 

5 thoughts on “يوميّة: قهوة وشيكولاتة.. ويوم يحاول أن يجد عنواناً.

  1. السلام عليكم…
    تشرفت كثيرا بالتعرف على شخصية محترمة مثلك بالأمس، وسعدت أكثر عندما نجحت في الوصول إلى مدونتك الرائعة…
    هنا لمست حقا سعيا دؤوبا إلى مستقبل ناصع البياض بإذن الله…
    أتمنى لك كل توفيق… وإن شاء الله من المتابعين لكل جديد لديك…
    يسعدني التواصل معك دائما، ويشرفني أن نكون أصدقاء.
    تقبل خالص تحياتي…

اترك رداً على غير معروف إلغاء الرد